هكذا قصفت الولايات المتحدة سد الفرات
نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) بتاريخ 21/1/2022 مقالاً بعنوان (سد في سورية كان على قائمة «عدم القصف» قصفته الولايات المتحدة على أي حال).
وينقل المقال عن «اثنين من كبار المسؤولين السابقين» أن أعضاءً من وحدة العمليات الخاصة الأمريكية السرية قاموا بضرب السد باستخدام عدد من أكبر القنابل التقليدية في ترسانة الولايات المتحدة، وذلك على الرغم من تقرير عسكري حذر من قصف السد، لأن ذلك يمكن أن يتسبب بفيضان قد يقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وقد عُثر بعد الضربات على قنبلة أمريكية متطورة ملقاة بجانب برج التحكم بالسد، ولكنها لم تنفجر، ولو أنها انفجرت لانهار السد بأكمله.
يضيف المقال: إن القيادة المركزية الأمريكية التي أشرفت على العدوان الجوي على سورية قد أقرت بإلقاء ثلاث قنابل زنة الواحدة منها ألفا رطل، وقال متحدث رسمي: إن القنابل أصابت الأبراج الملحقة بالسد فقط وليس السد نفسه، مشيراً إلى أنه سبق وتمت الموافقة من القيادة على ضربات محدودة على الأبراج.
ومما جاء في المقال المذكور أنه في ذروة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في سورية، هزت انفجارات مفاجئة أكبر سد في البلاد يقع على نهر الفرات، وهو مبنى شاهق مكون من 18 طابقاً ويحجب وراءه خزاناً بطول 25 ميلاً يشرف على واد، حيث مئات الآلاف من الناس.. حدث هذا حسب المقال في 26 آذار 2017 وتسبب بإصابة عمال السد وانتشار حريق وتعطل المعدات الأساسية، وتوقف مفاجئ لتدفق نهر الفرات، وارتفاع منسوب الخزان، ما دفع السلطات لتحذير الناس عبر مكبرات الصوت باتجاه مجرى النهر للهروب.
السد كان مدرجاً على «قائمة عدم القصف» للجيش الأمريكي للمواقع المدنية المحمية.
ووفقاً لاثنين من كبار المسؤولين السابقين، فقد قام أعضاء من وحدة العمليات الخاصة الأمريكية السرية للغاية والتي تسمى “Task Force9” بضرب السد باستخدام بعض أكبر القنابل التقليدية في ترسانة الولايات المتحدة بما في ذلك قنبلة واحدة على الأقل من طراز BLU-109 Bunker- buster.
وقد فعلوا ذلك على الرغم من تقرير عسكري حذّر من قصف السد، لأن الأضرار قد تتسبب في فيضان قد يقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
في الحالة الطبيعية، فإن قراراً مثل هذا لضرب السد تتخذه أعلى سلسلة القيادة، لكن المسؤولين السابقين قالوا إن فرقة العمل قامت بخطوة إجرائية مختصرة مخصصة لحالات الطوارئ، ما سمح لها بشن الهجوم من دون تصريح. وقال مسؤولان سابقان، تحدّثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بمناقشة الضربات: إن بعض الضباط المشرفين على الحرب الجوية اعتبروا تصرفات فرقة العمل متهورة.
يقول سكوت موراي، العقيد المتقاعد بالقوات الجوية: إنه «حتى مع التخطيط الدقيق، فإن ضرب مثل هذا السد بمثل هذه القنابل الكبيرة من المحتمل أن ينظر إليه كبار القادة على أنه خطير بشكل غير مقبول، كما أن استخدام قنبلة تزن 2000 رطل ضد هدف مقيد مثل السد هو أمر صعب للغاية و يجب ألّا يتم القيام به أثناء الطيران، ففي أسوأ الحالات فإن تلك الذخائر كان من الممكن أن تسبب انهيار السد».
لقد عثر عمال السد، بعد الضربات، بجانب خمسة طوابق في عمق برج التحكم بالسد على قنبلة أمريكية من طراز BLU-109 Bunker- buster ملقاة على جانبه محترقة، ولكنها لم تنفجر، ويقول الخبراء: إنها لو انفجرت فربما يكون السد بأكمله قد انهار.
رداً على أسئلة من صحيفة نيويورك تايمز، أقرت القيادة المركزية الأمريكية بإلقاء ثلاث قنابل زنة 2000 رطل، لكنها نفت استهداف السد.
وقال متحدث رسمي: القنابل أصابت الأبراج الملحقة بالسد فقط وليس السد نفسه، ولم يتم إخطار كبار القادة مسبقاً، فقد تمت الموافقة المسبقة من القيادة على ضربات محدودة على الأبراج.
النقيب بيل أوربان، المتحدث الرئيس باسم القيادة، قال: «أكدت التحليلات أن الضربات على الأبراج الملحقة بالسد لا يُرجح أن تسبب أضراراً هيكلية لسد الطبقة نفسه، فالسد لم ينهر، وإن هذا التحليل أثبت دقته».
لكن المسؤولين السابقين اللذين شاركا بشكل مباشر في الحرب الجوية في ذلك الوقت، والشهود السوريين الذين قابلتهم التايمز، قالوا إن الوضع أسوأ بكثير مما قاله الجيش الأمريكي علناً.
دُمرت المعدات الحيوية وتوقف السد عن العمل بشكل كامل، ارتفع مخزون الخزان بسرعة 50 قدماً وتدفق تقريباً فوق السد، وهو ما قال المهندسون إنه سيكون كارثياً.
وقال المهندسون الذين عملوا في السد، والذين لم يرغبوا بالكشف عن هوياتهم: إنه تم فقط العمل السريع لإنقاذ السد والأشخاص الذين يعيشون عند المصب، كما قال مدير سابق في السد: «كان الدمار لا يمكن تصوره».
من غير الواضح ما الذي دفع إلى هجوم فرقة العمل في 26 آذار، فقد قال عمال السد إنهم لم يروا قتالاً عنيفاً أو إصابات في ذلك اليوم قبل سقوط القنابل.
ما هو واضح هو أن مشغلي فرقة العمل استدعوا ضربة للدفاع عن النفس، ما يعني أنهم ليسوا مضطرين للحصول على إذن من سلسلة القيادة. أظهر تقرير عسكري تم الحصول عليه من خلال دعوى قضائية بموجب قانون حرية المعلومات أن المشغلين اتصلوا بمفجر «B-52» وطلبوا غارة جوية فورية على ثلاثة أهداف، لكن التقرير لم يذكر نيران القوات المعادية أو وقوع خسائر فادحة، وبدلاً من ذلك، يقول إن المشغلين طلبوا الضربات من أجل «terrain benial» (النيران المباشرة أو غير المباشرة التي تهدف إلى إعاقة أو تأخير أو منع العدو من استخدام الأرض أو الفضاء أو المنشآت).
كان عاملان في السد في ذلك اليوم، أحدهما، وهو مهندس كهرباء، يعملان في البرج الشمالي كالمعتاد، لم يكن هناك قتال عندما دخلا السد للعمل على نظام التبريد، بعد ساعات، ألقت بهم سلسلة من الانفجارات على الأرض، الغرفة مليئة بالدخان، وجد المهندس طريقه للخروج من خلال باب يكون مغلقاً عادة، لكن تلك المرة كان مفتوحاً، تجمد عندما رأى أجنحة الصاروخ الأمريكي من طراز B-52.
كان هناك في ذلك الوقت مؤشرات بكارثة محتملة، فقد تسبب الضرر الذي لحق بغرفة التحكم في توقف مضخات المياه والفيضانات، ثم أعطال ماس كهربائي في المعدات الكهربائية، مع عدم وجود طاقة لتشغيل الآلات المهمة، لم يعد بالإمكان أن تمر المياه عبر السد، كانت هناك رافعة يمكنها رفع بوابة الطوارئ للسد، لكنها تضررت أيضاً بسبب القتال.
اختبأ المهندس في الداخل حتى رأى الصاروخ B-52 وهو يطير بعيداً ثم عثر على دراجة نارية، أسرع إلى المنزل الذي يعيش فيه مدير السد وشرح ما حدث.
وأشارت التقارير إلى أنه “بعد أن نجاح المهندسون السوروين في فتح بوابات الفيضان استشهد ثلاثة من المهندسين عندما رصدت طائرة من دون طيار مركبتهم أثناء عودتهم إلى منازلهم .