استقطاب الفنيين

تعد الكوادر البشرية العماد الأساس والأهم في سير أعمال أي من الجهات العامة، وبالطبع لا يمكن أن تنجح هذه الأعمال بكوادر كيفما كان، بل بتلك التخصصية التي تتواءم وطبيعة مهام الجهة التي ينضوون تحت مظلتها.
إن الحديث عن خسارة أعداد ليست بقليلة من الموظفين بمختلف فئاتهم وتخصصاتهم ليس بجديد أو خافٍ على أحد على مستوى معظم جهات القطاع العام، حيث تُبين المؤشرات أن عدد العاملين في بعضها تراجع إلى النصف وفي غيرها إلى الثلث أو الربع نتيجة التسرب لأسباب متنوعة خلال سنوات الحرب على سورية.
لا شك في أن نقص العدد من حيث الكم يؤثر على سير العمل ومدى سرعته بشكل عام، ويزيد من الأعباء على الموظفين المتبقين على رأس عملهم بمواجهة حجم العمل الكبير، وينعكس سلباً بتأخر إنجاز الأعمال التي قد يتحمل المواطن تبعاتها.

لكن الأكثر تأثيراً هو نقص العدد النوعي، وهنا تتركز مشكلة العديد من الجهات العامة حيث إن بعض الكفاءات الفنية باتت نادرة جداً، ما يؤدي إلى إرباكات كبيرة بالعمل، وخاصةً في الجهات الإنتاجية أو الخدمية التي تكاد تعمل على مدار الساعة مثل المطاحن والمخابز والمشافي ومحطات الكهرباء ومحطات ضخ مياه الشرب، وكذلك في غيرها من الجهات التي لا يحتمل عملها التوقف خلال ساعات الدوام الرسمي كالمصارف ومراكز خدمة المواطن ومديريات الأحوال المدنية والتأمينات الاجتماعية والنقل وسواها، حيث إن عدم وجود عدد كافٍ من الفنيين بما يتلاءم وطبيعة عملها.. يعني عدم ضمان حسن سير العمل وعدم التدخل المباشر والآني في حل أي مشكلات أو أعطال فنية قد تحدث على صعيد العمل ليكون التوقف مصيره لوقت غير معلوم حتى يتم استقدام فنيين من القطاع الخاص لمعالجة المشكلة أو الخلل الفني.
بينما نأمل الحفاظ على ما تبقى من كوادر فنية بأي وسيلة كانت، فلا نتوقع من مسابقة التعيين القادمة إلا أن تكون قد لحظت الاحتياج لمثل تلك الكفاءات الفنية وبالتخصصات النوعية المطلوبة في كل جهة حسب طبيعة عملها، لكن السؤال المطروح هنا: هل من محفزات جرى لحظها لاستقطاب تلك الكفاءات وضمان تقدمها للمسابقة، ولاسيما لجهة الرواتب والتعويضات والحوافز وغيرها، آخذين في الحسبان أن مثل هذه الكفاءات الفنية على قلتها في ظروفنا الراهنة يجذبها القطاع الخاص بمغناطيس الأجور المجزية؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار