لمواجهة ارتفاع أسعار النفط.. هل يلجأ بايدن إلى الاحتياطات الاستراتيجية؟
يتمسك الرئيس الأمريكي جو بايدن بموقفه الدفاعي حتى الآن إزاء تسارع التضخم المدفوع بارتفاع أسعار الطاقة والنفط العالمي ليبقى اللجوء لاحتياطيات النفط الاستراتيجية فكرة مطروحة للمساعدة في خفض أسعار النفط الخام التي ارتفعت فوق مستوى الـ 80 دولاراً للبرميل.
وتطرح فكرة اللجوء إلى احتياطات النفط الاستراتيجية أكثر فأكثر في الولايات المتحدة بهدف خفض أسعار النفط الخام عالمياً ولكن مع تقديم وعود أمريكية حول مكافحة ظاهرة تغير المناخ فإن البيت الأبيض بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية ما زال يقيم إمكانية استخدام هذه الصلاحية التي نادراً ما يتم اللجوء إليها وسيكون تأثيرها على كلفة الوقود مؤقتاً.
وكانت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر غرانهولم أشارت مؤخراً في تصريحات لشبكة “سي ان ان” إلى تجاهل دول “أوبك” الدعوات الأمريكية لزيادة الإمدادات ما أجبر الرئيس الأمريكي على البحث عن وسائل بديلة لخفض أسعار الوقود دون استبعاد إمكانية استخدام احتياطي النفط الاستراتيجي لتحقيق الاستقرار في أسعار الوقود المحلية.
يشار إلى أن تاريخ إنشاء احتياطات النفط الاستراتيجية الأميركية يعود لعام 1975 بهدف التصدي لصدمات النفط ويمكن أن تبلغ هذه الاحتياطات المدفونة في كهوف ملح ضخمة يصل عمقها إلى 800 متر على طول ساحل خليج المكسيك 714 مليون برميل من الذهب الأسود حيث يبلغ مستوى المخزونات الأمريكية حالية 609 ملايين برميل وفقاً لوزارة الطاقة الأميركية أي ما يعادل ستة أشهر من استهلاك النفط الخام في الولايات المتحدة.
وأشارت الوزارة الأمريكية الى وجود نحو ستين خزاناً مطمورة في طبقة ملح موزعة على أربعة مواقع تخضع لمراقبة شديدة في لويزيانا وتكساس وهي تحوي هذه الاحتياطات التي تمثل أكبر عائد طارئ من النفط الخام في العالم.
ووفق القوانين الأمريكية يفترض أن يمر نحو 12 يوماً على قرار الرئيس الأمريكي باستخراج النفط من هذه الخزانات المتصلة بشبكات أنابيب عديدة لتكريره أو بيعه في السوق حيث يمكن استخدام هذا النفط الخام للطلب المحلي لكن يمكن تصديره أيضاً.
وبحسب تقرير وكالة الصحافة الفرنسية فإن القانون الأمريكي يمنح الرئيس الحق في سحب ما يصل إلى 30 مليون برميل خلال 60 يوماً أو أكثر في حال حصول انقطاعات خطيرة في إمدادات الطاقة مشيرة بهذا الصدد الى أنه في عام 1991 أمر الرئيس الأسبق جورج بوش الأب بسحب قرابة 17 مليون برميل خلال حرب الخليج الأولى وفي عام 2005 أمر الرئيس جورج دبليو بوش الابن بسحب 11 مليون برميل من هذه الاحتياطات بعد إعصار كاترينا الذي دمر لويزيانا ومنشآتها النفطية فيما أمر الرئيس باراك اوباما عام 2011 بسحب 30 مليون برميل للتعويض عن انقطاع تسليم النفط من ليبيا.
وفي المقابل فإن الرئيس بوش الابن أمر في عام 2001 بعد هجمات الحادي عشر من أيلول مباشرة بإجراء احترازي يتمثل بملء الخزانات إلى حدها الأقصى.
وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن جون كيلدوف محلل أسواق النفط في شركة الاستشارات الاستثمارية “اغين كابيتال” في نيويورك قوله “إن إغراق السوق باحتياطات النفط لخفض أسعار الخام قد يكون له تأثير محدود وقصير الأجل، ولكي يكون ذلك فعالاً يجب أن تكون كمية الاحتياطات المستخدمة كبيرة ويجب أن يكون هناك جهد منسق مع دول أخرى”.
وبينما تكثر التصريحات الأمريكية التي تؤكد الحاجة إلى خفض الانبعاثات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري فإن خطوة اللجوء بكثرة إلى احتياطات النفط الخام قد تلقى انتقادات دولية حيث تشير افتتاحية “الواشنطن بوست” إلى أن ذلك “سيكون له نتائج عكسية على الصورة فيما يتعلق بتغير المناخ”.
وبهذا الصدد قال المحلل كيلدوف “بالتأكيد هناك تناقض بالنسبة للحكومة الأمريكية، وأن الأبطال الفعليين في محاربة تغير المناخ هم مؤيدون لأسعار نفط مرتفعة للسماح للطاقات المتجددة بأن تكون أكثر تنافسية”.
وبالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن بحسب تقرير الوكالة الفرنسية قد يتحول التضخم الذي وصل فجأة إلى أعلى مستوياته منذ ثلاثة عقود ليبلغ 6.2 بالمئة على مدى عام مدفوعاً إلى حد كبير بارتفاع أسعار الطاقة إلى “سم سياسي” وبالتالي تصبح مكافحة ارتفاع الأسعار أمراً حتمياً حيث يعد كيلدوف أن هذه الزيادات تضر بشعبية بايدن.
وارتفع متوسط سعر جالون البنزين 3.87 لترات في المحطات 3.41 دولارات من2.12 دولار قبل عام وفقاً لجمعية “أميريكن أوتوموبل أسوسييشن” لسائقي السيارات وهذا المستوى الذي ما زال مقبولاً بالنسبة للسائق الأمريكي يصبح إشكالياً بدءاً من أربعة دولارات للجالون وفقاً للخبراء.
واعتبر كيلدوف أنها “نقطة انهيار” لأنه بعد ذلك يتوجب دفع 100 دولار لتعبئة سيارة الدفع الرباعي بالوقود وهذا الأمر يستحوذ على اهتمام السائق ويقوض ثقة المستهلك ويبطئ الاقتصاد مشيراً إلى أن كل حالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة سبقها ارتفاع في أسعار النفط.