أسوأ عام تشهده الولايات المتحدة من حيث مستويات عنف السلاح وجرائم القتل منذ عقود مع تجاوزها في 2021 جميع المعدلات القياسية التي سجلت في السنوات السابقة ليكون عاماً دموياً بامتياز نتيجة ظاهرة حمل السلاح وعدم انضباطه والحرية المنفلتة التي تأتي في إطار مفهوم الليبرالية الحديثة السائد في المجتمعات الغربية.
إحصائيات أجرتها منظمة «أرشيف عنف السلاح» الأمريكية ونشرتها شبكة «سي إن إن» الإخبارية مؤخراً تشير إلى مقتل 14516 أمريكياً من جراء فوضى السلاح ما بين الأول من كانون الثاني الماضي والـ 15 من أيلول الجاري وبزيادة قدرها 9 بالمئة أو 1300 قتيل مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020.
معدل حوادث إطلاق النار الجماعي أخذ في الارتفاع أيضاً بحسب بيانات المنظمة فضلاً عن جرائم القتل التي سجلت زيادة بمعدل 23 بالمئة في الربع الأول من 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي سياق متصل، كشف تقرير رسمي لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي«اف بي أي» عن تسجيل أكبر نسبة ارتفاع في جرائم القتل بالولايات المتحدة منذ بدء المكتب في رصد وإحصاء تلك الجرائم منذ ستينيات القرن الماضي.
التقرير أظهر ارتفاع جرائم القتل بنسبة 30 بالمئة خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019 كما أظهر حدوث زيادة بنسبة 5 بالمئة في جرائم العنف بين عامي 2019 و2020.
وأحصى التقرير ارتكاب أكثر من 21 ألفاً و500 جريمة قتل خلال العام الماضي وهو عدد لم يرصده مكتب التحقيقات منذ منتصف التسعينيات في حين بلغ معدل جرائم القتل في عام 2020 نحو 6.5 لكل 100 ألف شخص فيما يؤكد التقرير أن عدد جرائم القتل في العام الماضي بدأ بالتصاعد خلال أشهر الصيف وبلغ ذروته في حزيران وتموز وظل عند مستويات عالية بعد ذلك.
وبالتوازي مع ارتفاع عنف السلاح تتزايد مبيعات الأسلحة والذخائر في أمريكا حيث أظهرت البيانات الرسمية أن الأمريكيين اشتروا رقماً قياسياً يصل إلى 23 مليون قطعة سلاح العام الماضي في ارتفاع كبير بنسبة 65 بالمئة مقارنة بعام 2019 وذلك على خلفية تزايد مظاهر التمييز العنصري وجرائم الكراهية العرقية.
أما في بداية العام الحالي فقد واصلت مبيعات الاسلحة ارتفاعها مع بيع 2.2 مليون قطعة سلاح خلال كانون الثاني الماضي فقط.
ومع تفشي ظاهرة حمل السلاح التي يكفلها الدستور الأمريكي من دون وضع ضوابط دقيقة لها تفشت جرائم القتل والعنف على نحو متزايد بين الأمريكيين ولعل أبرز مثال عن الحوادث المأساوية التي باتت تتكرر من جراء هذه الظاهرة وفاة طفل في الثانية من عمره قبل أيام قليلة في ولاية تكساس بعد أن عثر على مسدس في حقيبة أحد أفراد أسرته فأطلق النار على رأسه بالخطأ.
تقرير لمنظمة «إيفري تاون فور غان سيفتي» يشير إلى أن البنادق المحشوة والموجودة في الخزائن وحقائب اليد او تكون متروكة ببساطة دون مراقب تصل إلى يد ملايين الأطفال سنوياً في الولايات المتحدة، مبيناً أن مثل هذه الحوادث تسببت بمقتل 111 شخصا بينهم أطفال منذ كانون الأول الماضي إضافة إلى أكثر من 1500 مصاب فيما يقدر عدد ضحايا حمل الأسلحة النارية في الولايات المتحدة بنحو 40 ألف قتيل سنوياً.
فوضى حمل السلاح وتزايد عمليات القتل والإجرام داخل المجتمع الأمريكي تجري أمام أنظار المسؤولين الامريكيين وبعلم شركات تصنيع السلاح التي همها الوحيد هو الربح المادي وتحت مسميات وعناوين مختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر نظريات الليبرالية الحديثة التي تعد الأخطر في أهدافها ومفاهيمها وغاياتها التخريبية.