الفضاء الاقتصادي وخصوصية البلدان
الفضاء الاقتصادي يمكن تحديد ماهيته من نواحٍ عدة، فمن الناحية الجغرافية وهي: المساحة الجغرافية للاقتصاد أي حجم الأرض التي يغطيها ويمتد عليها, وتالياً امتداده عبر تكتلات وتجمعات وعلاقات واتفاقات فاعلة وليست اسمية، يوسع الاقتصاد الوطني كما وجدنا كيفية تشكل الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة, وتحول الدول المنضوية تحته لكتلة واحدة, وحقوق السكان في أصغر كيان منه مثل البلدان المتطورة المتصدرة اقتصادياً وهو ما أزعج الغطرسة الأمريكية لاحقاً, وأوحت لتقويضه عبر خروج بعض الدول منه كبريطانيا والفضاء العربي الذي لطالما عرقل ومنع تجسيده على الأرض منذ أن صنع الكيان الإرهابي الصهيوني وصولاً إلى التأثير على دول لتقويضه وتفريغه هو وأي وحدة واتحاد بين دول من هذا الفضاء وخاصة الدول ذات التأثير القوي والزخم البشري وزخم الإمكانات والموارد كالوحدة بين مصر وسورية و العراق وسورية و عرقلة السوق العربية المشتركة, وكذلك الفضاء الخليجي ودوماً محاولة خلق الفتن والخلافات وابتزاز دوله و سلبها بكل الطرق, ولنصل لمنظمة التجارة الدولية والـ« غات» ومحاولة خلق فضاء عالمي وفرض شروطه على كل الدول, وفرض الانتماء له بشتى وسائل الترغيب والترهيب, وكذلك عبر برامج البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتي مهّدت لما سمي العولمة, ولكننا وجدناها أساليب جديدة للسيطرة والنهب والتدمير التنموي وهي فرض على الدول الضعيفة, ولطالما خرجت عنها الدول الكبرى عندما تعارضت مصالحها متناسية اختلاف البنى والخصائص بين البلدان, وتالياً توسيع فضاءات الدول الإمبريالية الاستعمارية وكشكل جديد للنهب والسلب وتقويض التنمية والقتل الاقتصادي واتضحت النيات السيئة اللاإنسانية بشكل أكبر وأكثر وضوحاً بعدما وصلت دول الاستكبار لما صبت إليه بالاتجاه المعاكس والمغاير، فبدلاً من توسيع الفضاء استعملت العقوبات والخنق الاقتصادي بما يخالف القوانين والفكر الذي لطالما روجوه وبما يشكل سلوكاً ضد الإنسانية وقوانينها وضد الديمقراطية والحرية وحرية تقرير المصير وفق القوانين والتشريعات الدولية, وكذلك يمكننا أخذ ماهية الفضاء الاقتصادي من الناحية الفكرية، حيث استثمر التطور والسياق التاريخي إلى محاولة تقسيم العالم إلى معسكرين رأسمالي واشتراكي, ومن ثم الشيوعية الأممية أو العولمة الرأسمالية المتوحشة, وبعد الحرب الباردة بين المعسكرين وتتويج المعسكر الغربي المتوحش بزعامة الولايات المتحدة ليحاولوا عبر فرض ما سمي الليبرالية والليبرالية الجديدة, وما بعد الليبرالية توحيد السلوك الاقتصادي العالمي, وتركيز وتكريس السيطرة الرأسمالية اللاإنسانية عبر عولمة الإعلام والتقنيات والشركات العابرة للدول.
وذلك لعرقلة التجارب المحلية في توسيع الاقتصاد عبر التنمية متعددة الجوانب وعبر السياسات المختارة, والتي تناسب بنى البلدان و تقوي وتحصّن دواخلها واختيار العلاقات البناءة المتكاملة، هذه التنمية التي يجب أن تكون فيها الحكومة هي القائد والراعي والموجه بما يناسب الحاجات والبرامج والإمكانات وهذه الاختيارات التي أعطت نتائجها في مختلف البلدان التي كانت تسمى النامية ومنها بلدنا بمنجزات نجم عنها الأمن الغذائي والصناعي والتنمية الشاملة والتنمية البشرية والتطور والتقدم بحيث استثمرت الإمكانات مع العلاقات مع دول صديقة لتطوير مشاريع البنى التحتية, والتي ساعد البعض بها الدول الصديقة ذات الدور المحوري, للعودة لطريق التنمية المستدامة المتوازنة والمستمرة وللتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، ونتيجة الخنق الاقتصادي والتدمير الممنهج لقطع الطريق التنموي عبر استعمال كل أساليب الوحشية واللاإنسانية بخسائر وصلت لـ ٦٥٠ مليار دولار عدا عن الخسائر الأهم وهي البشرية ما بين قتل وإعاقة وتهجير وصلنا لاستحالة أي حل اقتصادي من دون حل سياسي داخلي متوافق عليه في مرحلة خطرة يمارس بها الإرهاب الاقتصادي بأوسع أشكاله ولنستنتج مدى سلبية العلاقات والاتفاقات التي قد تكون نوعاً من الخباثة المتوافق عليها مع دول اللا قانون واللا إنسانية, دول الاستكبار وانعكاسها نحو تقليص الإمكانات بدلاً من التوسع بالفضاء الاقتصادي عبر علاقات غير مدروسة مع بعض الدول وانعكاسها سلباً على شعوبنا وتقليص الاقتصاد وعرض الكثير من الحرف لمنافسة غير قانونية وغير عادلة, وكذلك عبر السير بنهج يخالف التاريخ الاقتصادي وخصوصية البلد وسيرورة الاقتصاد ويعرقل التوزيع الأشمل والأكثر عدالة, ويقوض دور المؤسسات ويزيد الفساد ويتجاوز القوانين الإدارية والعلمية, وتالياً لابدّ من العودة للاعتماد على الذات لتوسيع الخيارات واختيار البرامج والسياسات ضمن أولويات الحاجات والإمكانات المتوافرة, ولابد من ضرب منظومات الفساد أدوات الإرهاب الاقتصادي المدمر للبلدان لفرض سياسات وأدوات بمختلف الاتجاهات وهو ما وجدناه بأدوات تضارب بسعر الصرف وبرنامج رفع الأسعار، وفي ظل العقوبات والحصار وضعف المواجهة والضبط, وهنا لابدّ من التذكير بأنه لا يوجد مسؤول أو مواطن إلا ويعترف بصعوبة الوضع, وبالأسباب المتزاوجة ومنها الفساد وسوء الإدارة, ولكن في ظل الخناق الاقتصادي الاستعماري وصلنا لنقص ومحدودية الموارد بعد حرب علينا خسرنا بها غير الطاقات البشرية, وتالياً التعاون والتكامل ضرورة لتجاوز أصعب مرحلة ويجب الصبر لمدة شهر ونيف من صبر ١٠ سنوات يجب أن يتحمل رغم تفشي الفقر والعوز ولكن البلد أهم وأغلى, وهناك من يقاتل في سورية وأهلها لمصالح ضيقة رغم أن البعض لا يتأثر, وإن أغلبية الشعب يدفع الثمن، تجاوزنا الصعاب عبر نضال وصبر منقطع النظير, ولاحقاً إن تجاوزنا الصعاب وسنتجاوزها, ولكن اليوم الهدف حماية سورية الماضي والحاضر لمستقبل جيد.
ولا نفع لأي دعوات سوى لرفض العقوبات والحصار, ولضرب بيد من حديد عبر تفعيل دور المؤسسات, والتي كانت وما زالت عدوة لقوى الفساد التي حاولت تثبيطها ليكون لها الدور الأكبر ولتحييد القوانين.
إن تجاوزنا هذه المرحلة بعلاج وحلول وطنية موحدة سيكون الفضاء الاقتصادي الكبير و التنمية بأوسع نطاقها ولهذه المرحلة برنامج خاص يجب التوافق عليه.