“الشر” الذي لا بد منه

مها سلطان:

أخرجوه من الباب فعاد من الشبّاك، هذه حال الديمقراطيين مع دونالد ترامب الذي لا ينوي مفارقتهم، بل سيبقى لصيقاً بهم، كضيف ثقيل، ولن يكون أي ضيف، في حال كان يفكر كما تفكر استطلاعات الرأي التي قالت إن ترامب سيفوز بسهولة بدعم الناخبين الجمهوريين إذا ما أجريت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري هذا العام؛ هناك 60 بالمئة على الأقل من الجمهوريين يريدون من ترامب ألا يغادر الميدان، وأن يستمر في ممارسة دور بارز في الحزب.

الأهم أن النسبة المذكورة قد تكون أكثر من ذلك بالنظر إلى تصريحات مسؤولي الصف الأول في الحزب الجمهوري من أمثال ميتش ماكونيل الذي كان زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ قبل أن يتحول -بعد فوز جو بايدن- إلى زعيم أقلية.

ماكونيل ألمح إلى استعداده المشاركة في الانتخابات التمهيدية لتحسين فرص الحزب في استعادة السيطرة على المجلس، ومن دون أن يذكر ترامب بالاسم هاجم ماكونيل أولئك المرشحين الذين يفوزون في الانتخابات التمهيدية ثم يفشلون في الانتخابات الرئاسية؛ وفي هذا تلميح واضح لترامب الذي أعلن نيته الترشح لرئاسيات 2024، لذلك فمن المتوقع جداً أن يخوض ترامب الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في حال استمرت استطلاعات الرأي في تشجيعه على ذلك، وإذا ما فاز بها فهذا يعني أن باب الترشح لانتخابات 2024 سيكون مفتوحاً أمامه.

إذاً، الديمقراطيون ليسوا وحدهم من يريد إبعاد ترامب.. الجمهوريون أيضاً وتحديداً متزعمي الحزب الجمهوري يريدون ذلك أيضاً، ولكنهم عاجزون. هم لا يتحدثون عن هذا العجز بلسانهم وإنما بأفعالهم وإلا بماذا يمكن تفسير الاجتماعات التي تضم العشرات من النواب والقادة الجمهوريين البارزين لبحث تشكيل حزب ثالث لمواجهة ترامب.. ألا يعني هذا أن ترامب سيعود إلى قواعده مظفراً وأنهم مضطرون للخيار الأصعب وهو شق الحزب الجمهوري وإضعافه في سبيل منع، أو على أمل منع هذه العودة؟

لكن هذا التوجه سيضاعف من تأييد ترامب بين الناخبين الجمهوريين، لأنه اختار التمسك بالحزب وليس مقاتلته بحزب جديد.. مقابل أن «حزب الجمهوريين الثاني» إذا ما تشكل فعلاً فهو سيكون ضعيفاً بفعل نفور الناخبين الجمهوريين منه، لأنه اختار “هدم المعبد” بالكامل ليقاتل شخصاً واحداً هو ترامب بدلاً من أن يقاتل الخصوم الديمقراطيين ويسعى لدخول انتخابات 2024 كتلة واحدة موحدة.

ما سبق يعني -إذا ما صحت التصريحات والتوقعات- أن عودة ترامب قريبة، وعلى الديمقراطيين و«الجمهوريين المعارضين» شد الأحزمة بصورة دائمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار