لم تسلم حتى «ربطة البقدونس» البلدي في الآونة الأخيرة من سطوة الغلاء، كأن هذا المنتج المزروع في أرضنا مستورد من بلاد «الواق واق»، حيث إن التجار والمضاربين يتحكمون بسياسة التسعير حسب جيوبهم بلا أي رادع أخلاقي يحدّ من نهمهم المتزايد للربح إلى أن وصلنا إلى مرحلة فوضى الأسواق واتباع الدولار في تسعير المنتجات علانيةً من دون خوف من العقاب.
واقعٌ دفع ضريبته الفقراء وذوو الدخل المحدود بسبب الغلاء وانخفاض قيمة رواتبهم الكبير على نحو أثّر في معيشتهم المأزومة، الموعودة بالفرج تدريجياً بعد اتخاذ خطوات مهمة ستسهم في ضبط الأسواق ورفع قيمة الليرة، ولعل أهمها مراسيم منع تداول التعامل بغير الليرة وتشديد العقوبات على المخالفين، وهذا إنجاز مهم هلل له أهل الصناعة والتجارة الفعليون, بينما ندب تجار الأزمات حظهم لهذه الخطوة، التي جاءت في توقيتها الصحيح بعد ارتفاع جنوني لسعر الدولار، الذي ستنكسر شوكته بعد توقف حالات المضاربة والامتناع عن تسعير المنتجات على أساس مؤشره أو أقله المجاهرة بأن الدولار سبب ارتفاع الأسعار حتى لو كانت محلية الصنع، لذا المطلوب تحرك سريع على أرض الواقع لقطع دابر المضاربين والتجار المخالفين عبر أدوات فعالة تعكس نتائج إيجابية لمصلحة الليرة، التي ستعود أقوى بفضل مواطنين «صالحين» يطلقون رغم جيوبهم الفارغة مبادرات شعبية لدعم عملتهم, في حين لا يترك أهل «البزنس» فرصة لزيادة أرصدتهم مهما كان الثمن.
مراسيم منع تداول عملات غير الليرة قرار استراتيجي لحماية عملتنا المحلية والاتجاه نحو إنقاذ الاقتصاد المحلي المنهك، الذي يحتاج الوقوف على رجليه دعم الإنتاج والتصدير، إذ إن بركة هذه الوصفة كفيلة بعودتنا التدريجية إلى الاكتفاء الذاتي والخلاص من المستوردات, لذلك جاء صدور المراسيم التشريعية التي تمنع التداول بغير العملة الوطنية في الوقت المناسب.