على مدار عقود طويلة من الزمن، ونحن نسمع عن معاناة القطاع العام الاقتصادي، وسمعنا عن آلاف المذكرات والاستراتيجيات التي أعدت للتخفيف من هذه المعاناة، والتخلص من مشكلاته وصعوباته، والتي لم تجد حتى تاريخه طريقاً للإصلاح، إلا في بعض القضايا التي تظهر لها حلول آنية مرتبطة بتطور ما، أو بظرف فرض نفسه على الواقع..!
فالقطاع العام محروم من المرونة في تأمين حاجاته، وتأمين مقومات المنافسة وخاصة القطاع الصناعي، وسرعة التنفيذ في وضع آليات النجاح وغيرها ذلك كثير..!
اليوم الحكومة أخذت على عاتقها استراتيجية تطوير وإصلاح القطاع العام الاقتصادي، وفي مقدمتها الصناعي بما ينسجم مع متطلبات المرحلة المقبلة، ويتفق مع الإمكانات المتوافرة التي توفرها الحكومة لإطلاق صافرت البداية في إصلاح صناعة القطاع العام، والحكاية بدأت بجملة من الإجراءات من الحكومة، وإدارة القطاع على السواء، والبداية كانت بتشكيل اللجان، والمجالس للتشخيص والدراسة ووضع الخطط، والاستراتيجيات المطلوبة، ودراسات الجدوى الاقتصادية، وغيرها من إجراءات البداية والتنفيذ..
لكن من خلال المتابعة لهذا القطاع فإن ترجمة ذلك يحتاج جملة من الإجراءات، أهمها الرغبة في الإصلاح، واختيار الكفاءات المؤهلة القادرة على إدارته بالصورة الصحيحة، ومن ثم تشكيل مجالس إدارة لكل شركة تتحمل المسؤولية، وتترجمها بخطوات إصلاحية تثمر بتطوير الواقع، وتحقيق الربح، وتوفير آلية منافسة تعبر عن هوية المرحلة.
والأهم لابد من العمل على تطوير الأنظمة، والقوانين والتشريعات الناظمة للعمل، بما يؤمن المرونة المطلوبة في العمل، وتأمين جو المنافسة المطلوب، إلى جانب تطوير نظام الحوافز والأجور المتعلقة بالعمالة، وقوانين أخرى مرتبطة بآلية التسويق، وتسعير المنتجات وغيرها..
وتالياً هذا لن يتحقق إلا بالقضاء على ظاهرة خطيرة تفشت في القطاع العام منذ عقود، تكمن في التهرب من تحمل المسؤولية، وتكريس ظاهرة الروتين في الجهاز الإداري، والدخول في التفاصيل، والجزئيات التي تعوق العمل، وهذا الأمر يشكل خطورة بالغة ينبغي التخلص منها قبل أي إجراء يتخذ، أو استراتيجية قابلة للتنفيذ، لأن معظم الإدارات تختبئ خلف التفاصيل والجزئيات..!.
Issa.samy68@gmail.com