خطر محدق بالسلم الأهلي و بمستقبل سوريا الموحدة..آراء خبراء لمواجهة الشائعات و إبطال مساعي من أضمروا الشر
الحرية- حنان علي:
في عصر المعلومات المتسارعة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بات نشر الأخبار سلاحاً ذا حدين. فالشائعات تتسلل بسهولة عبر المجتمعات، تحمل معها الخوف وتثير القلق في النفوس. في خضم الأزمات، تتزايد العناوين الزائفة، ما يؤثر سلباً في الوعي الجماعي ويزيد من حدة الانقسامات. الشائعات لا تقتصر على كونها إرباكاً للأفكار فحسب، بل تحدياً كبيراً للأمن المجتمعي وعقبة بوجه تعزيز الاستقرار.
فكيف يمكننا مواجهة هذه الظاهرة وكسر حلقة الخوف التي تغرسها؟
نكتة سمجة
“ثمة محاولات ممنهجة لاستدراج الإدارة الجديدة إلى مستنقع دم عبر افتعال حرائق ومواجهات في أكثر من مكان في وقت واحد تحت وابل من الشائعات الغبية”، هذا ما دونه الكاتب السوري علي جمالو موضحاً: “لنتفق في البداية على أن هذه الأفعال والحركات البهلوانية لا تنقذ البلد، بل تزيد من معاناة الناس، فما حدث من شائعات مؤخراً ليس سوى نكتة سمجة، أما الحقيقة التي تطل برأسها فوق غبار الشائعات، فهي أن الفريق المهزوم يفتقد إلى أدنى مقومات التبصّر عندما يراهن على “غباء” بعض الناس والتحاقهم بدورة دم جديدة”.
أما عن كيفية المواجهة، فيختم جمالو:”سنرد عليكم بسلاح فتاك اسمه الوعي. لقد قدم السوريون في الأسابيع الماضية دروساً عظيمة في الوعي والسمو فوق لعبة الثأر والدم، ومن يمتلكون كل هذه القيم النبيلة لا تنال منهم الفتن”.
المواجهة بسلاح فتاك اسمه الوعي
صوت رسمي
وضمن السياق، يؤكد الإعلامي خالد جمالو لصحيفة “الحرية” على أهمية تفعيل الإعلام الرسمي قائلاً: “يساهم الغياب للإعلام الناطق باسم الإدارة في نشر القيل والقال، والأهم ما يحصل مع اقتباس منشورات أو فيديوهات تعود إلى زمن غابر أو بلد آخر، وهذا ما كان يحصل دائماً حتى ما قبل الثامن من كانون الأول. والأهم من هذا وذاك ليس الإشاعات بحسب رأيي، إنما التخلص من ردود الفعل على تصريحات وإذاعات لأفراد لا يمثلون سوى جهلهم ومصالحهم وتحميل مسؤولية ذلك لشريحة بذاتها أو مكون ما”. وينتهي جمالو بالتأكيد على أن المرحلة صعبة وتتطلب التشكيك بكل ما نسمع إلى أن يثبت العكس على أرض الواقع وليس على المنصات أو حتى الشاشات.
بحث عكسي
وبسؤال الصحفي عمر الشيخ عن مخاطر الشائعات التي تثير القلاقل والكذب وزعزعة السلم الأهلي صرح لصحيفة “الحرية” بوجهة نظره : ” أعتقد أنه من الضروري عندما نسمع أي خبر له تبعات أمنية خطرة، وخاصة إن كان مترافقاً مع فيديوهات توثق انتهاكات تهدد مناطق أو مجتمعات. يجب التأكد من مصداقية الخبر بالبحث العكسي في محركات البحث بما يساعد على التحقق من المصدر. كما ينبغي الحرص على متابعة الصفحات الموثوقة عبر (لينكات) خاصة بها، إضافة إلى التأكد من منصات الجهات الرسمية. ما فتئ نشر الشائعة في هذا التوقيت بالذات يلعب دوراً خطيراً في زعزعة الحالة النفسية لأهالينا في المناطق كافة، ولا سيما في أوقات معينة (في الليل أو مع غياب الكهرباء) وريثما يتم التأكد يحدث ما لا يحمد عقباه. أنصح بالعودة إلى منصات منوطة بالتحقق من الادعاءات وتقصّي مصادرها وتحليل المحتوى بشكل احترافي”. واختتم الشيخ: “ما يهم المواطن معرفة الحقيقة، فإن قادتنا مشاعرنا أو أفكارنا، فعلينا حسن إدارتها ومحاولة التحلي بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية”.
يجب التأكد من مصداقية الخبر عبر الاستقصاء العكسي في محركات البحث بغية التحقق من المصدر
سُبل التحقق
وبالبحث عن المنصات التي تحلل الخبر وتستوثق مصداقيته، تواصلنا مع زهير الشمالي مدير التواصل الإعلامي لمنصة سورية “تأكد” يديرها فريق من الصحفيين والباحثين المتخصصين في التحقق من الأخبار والمعلومات، فتحدث لصحيفتنا عن المنصة بالقول:” تعمل المنصة كجهة مستقلة وهي منظمة غير ربحية مرخصة ومسجلة في تركيا والنرويج، ويتم العمل حالياً للحصول على الترخيص في سوريا. وتركز على تقديم محتوى دقيق وشفاف، يستند إلى معايير مهنية وأخلاقية في العمل الإعلامي”.
خطوات منهجية
وبسؤال الشمالي عن آلية العمل في المنصة يجيبنا شارحاً: “نعتمد على خطوات منهجية تشمل رصد الأخبار المشكوك فيها أو المضللة، يليها البحث عن المصدر الأصلي والتحقق منه باستخدام أدوات رقمية وتقنيات مثل تحليل الصور والفيديوهات، ومقارنة النصوص مع البيانات المتاحة من مصادر موثوقة. كما تستعين المنصة بمصادر مباشرة من خلال شبكة من المتطوعين والباحثين المنتشرين في مختلف أنحاء سوريا، الذين يسهمون في توثيق المعلومات على الأرض. هذه الشبكة تتيح تقديم صورة أوضح وأكثر شمولية للحقائق”.
مصادر الأخبار
“تعول المنصة على مصادر متنوعة، منها الجهات الرسمية المحلية والدولية، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، ووسائل الإعلام الموثوقة، إلى جانب أدوات التحقق الرقمية.” ذلك وفق ما ذكره الشمالي، الذي تحدث تالياً عن دور فرق المتطوعين الحيوي في جمع البيانات على الأرض، ما يعزز المصداقية وسرعة الاستجابة للأخبار الزائفة لضمان الحد من تأثيرها على المجتمع.
نصائح
ولتجنب الوقوع في فخ الشائعات، جاءت نصيحة الشمالي بضرورة البحث عن أدلة داعمة من مصادر موثوقة، وعدم التسرع في نشر الأخبار قبل التحقق من صحتها محذراً:” تنبه المنصة إلى أهمية توخي الحذر من الانجراف وراء المحتوى العاطفي الذي تنتجه شبكات تضليلية تهدف إلى زرع الفتنة بين أطياف المجتمع السوري”.
توخي الحذر من الانجراف وراء المحتوى العاطفي الذي تنتجه شبكات تضليلية تهدف إلى زرع الفتنة بين أطياف المجتمع السوري
وانتهى مدير التواصل إلى التأكيد على الوعي المجتمعي ومواجهة الشائعات عبر تعزيز مصادر المعلومات الموثوقة والعمل الجماعي لتحقيق السلم الأهلي والعدالة المجتمعية في سوريا.
وفي النهاية لا ريب أن دحض الشائعات يتطلب تفعيلاً سريعاً لدور الإعلام الرسمي المرئي والمسموع على مدار الساعة في سبيل اتخاذ نهج شامل يجمع بين التواصل الفعّال، توفير المعلومات الموثوقة، وتعزيز الوعي العام للمساعدة في ضمان سلامة المجتمع واستقراره خلال الفترات الصعبة.