“مبادرة أطباء طرطوس الخيرية” تتحوّل من فكرة فردية إلى مشروع جماعي
الحرية- ثناء عليان:
في الوقت الذي تزداد فيه التحديات والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية على المواطنين، أطلق عدد من أطباء محافظة طرطوس على صفحات التواصل مبادرة طبية إنسانية، إيماناً منهم بأن “إشعال شمعة خير من لعن الظلام”، وجاءت هذه المبادرة الإنسانية بحسب الإعلان الذي نشروه على صفحتهم “الفيسبوك” لتمد يد العون لكل من يحتاج إلى الرعاية الطبية في طرطوس بأقل التكاليف الممكنة، وليكونوا جسراً من الأمل للمرضى والأسر ذات الدخل المحدود، ولضمان الصحة للجميع، كونها حقاً لهم وليست عبئاً على أحد.
منظم المبادرة الدكتور علي محمود حسن اختصاصي جراحة عامة وتنظيرية، أكد في تصريح خاص لصحيفة “الحرية”، أن المبادرة بدأت من منطلق بسيط وقناعة عميقة بأن أي خطوة إيجابية، مهما بدت صغيرة، يمكن أن تصنع فرقاً في حياة الآخرين، سواء كانت كلمة مشجعة أو عملاً خيرياً.
مشروع جماعي
وأضاف: قررت أن أبدأ بما أستطيع تقديمه كطبيب، وهو توفير الرعاية الطبية لمن يحتاجها، وقد أعلنت عن تقديم خدماتي الطبية مجاناً عبر منصة فيسبوك، وكانت الاستجابة فورية ومشجعة للغاية، حيث تواصل معي العديد من الأطباء الراغبين في الانضمام إلى الفكرة، حينها أدركت أن الفكرة بحاجة إلى إطار أكثر تنظيماً، فقمت بإطلاق صفحة “مبادرة أطباء طرطوس الخيرية” لنشر المبادرة على نطاق واسع، ولتكون منصة تجمع المتطوعين، وخلال وقت قصير، بادر العشرات من الأطباء والمختصين الطبيين للتواصل معي، معبرين عن رغبتهم في تقديم خدماتهم بشكل مجاني أو بأسعار رمزية، وهكذا تحولت المبادرة من فكرة فردية إلى مشروع جماعي، يهدف إلى دعم المجتمع من خلال العمل الطبي الإنساني.”
أكثر من 100 طبيب
ولفت حسن إلى أن المبادرة شهدت تفاعلاً، فخلال ثلاثة أيام انضم إليها أكثر من 100 طبيب من مختلف الاختصاصات، بالإضافة إلى مخبريين، وممرضين، ومعالجين فيزيائيين. وما يميز هذه المبادرة –حسب حسن- أن الأعداد في تزايد مستمر على مدار الساعة، كما أن الأطباء المشاركين ينتشرون في مختلف مناطق محافظة طرطوس “صافيتا، الدريكيش، بانياس” وغيرها من المناطق، ما يعزز من قدرتنا على تغطية أكبر عدد ممكن من الحالات المحتاجة، لافتاً إلى أن تعاون الأطباء المتطوعين خلق شبكة طبية تسعى لتقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجاً بطريقة فعالة وإنسانية.
المبادرة فرصة للأطباء
وجواباً على سؤالنا فيما إذا كان انضمام بعض الأطباء للمبادرة هو للدعاية فقط، بيّن حسن: لا ضير من أن تكون المبادرة فرصة للأطباء لتعريف الناس بخدماتهم، طالما أن الهدف الأساسي يتحقق، وهو تقديم المساعدة الحقيقية للمواطنين، فالتنافس والغيرة المهنية بين الأطباء، إن وجدا، يمكن أن يكونا دافعاً إيجابياً لتقديم المزيد والمزيد من الخدمات الإنسانية، وهذا ما نسعى إليه في النهاية.
والأهم بالنسبة لنا –يضيف حسن- هو أن تُقدَّم الخدمات بشكل حقيقي وفعّال، ولضمان ذلك، نتابع عن كثب كل حالة تصل عبر الصفحة، ونعمل على التواصل مع المرضى والأطباء للتأكد من تقديم الخدمات كما هو معلن، وفي حال واجهنا أي مشكلة أو اكتشفنا أن أحد الأطباء يرفض تقديم الخدمة التي أعلن التزامه بها، سنتخذ الإجراءات المناسبة، بما في ذلك حذف اسمه من القائمة المنشورة، ونحن جاهزون دائماً للتدخل بشكل مباشر لمساعدة المرضى الذين يتواصلون معنا عبر الصفحة، وتوجيههم نحو الحصول على الخدمة المناسبة، مع مراقبة تقديمها لضمان تحقيق أهداف المبادرة.
وختم حسن متمنياً أن تكون هذه التجربة مصدر إلهام للآخرين، وتشجع المزيد من الأطباء وأفراد المجتمع على الانخراط في مثل هذه المبادرات الإنسانية، التي تهدف إلى تقديم الخير والمساهمة في تحسين حياة الناس.