بعد غياب دام ١٣ سنة.. الأخوان ملص يوثقان أول عرض مسرحي في سوريا الجديدة
الحرية – ميسون شباني:
نعم.. هي لحظة العبور من ألم الماضي نحو مستقبل جديد، مشهدية تؤرخ لولادة جديدة وتوثق عبق التحرر و الانتصار عبر اول عرض مسرحي يقدم بعد سقوط النظام البائد عبر عرض “اللاجئان” للأخوين محمد وأحمد ملص العائدين إلى سوريا بعد غياب قسري دام أكثر من ١٣ عاماً.
حول العودة وفكرة تقديم العرض مجدداً الذي سبق أن قُدم عام ٢٠١٦ يقول الأخوان ملص: إن فكرة العرض مستلهمة من رواية (المهاجران) للكاتب البولندي “سوافومير مروجيتش” وتمت إعادة صياغتها بما يتناسب مع فكرة المنفى من الداخل مع إضافات بسيطة عن الصراعات التي واجهها اللاجئون السوريون في الخارج، وترصد بتفاصيلها الارهاصات النفسية التي عاشها اللاجئون في رحلتهم اليومية، قُدم العرض لأول مرة باللغة الفرنسية وعُرض في بعض المدن الفرنسية وبعض الدول مثل بلجيكا واليابان وقرطاج وأربيل مؤخراً، ومنذ حوالي ستة اشهر عرضنا المسرحية لأول مرة باللغة العربية في مهرجان “الرحالة “في الأردن وحصل على جائزة أفضل تمثيل مناصفة مع عرض تونسي، وكنا في مهرجان “الكرامة” في الأردن نعرض فيلمنا عندما سقط النظام البائد، دخلنا بشكل مرتجل وقررنا تقديم عمل مسرحي يتناسب مع الحالة المدنية وحالة الانتصار التي غمرت السوريين، ورغم الظروف الفنية التي قد لانتفق معها لكن بالنسبة لنا التوقيت هو الأهم، لذا ارتجلنا وعرضنا على مسرح الخيام وتوجهنا بعدها الى السويداء وسلمية وطرطوس لتقديم العرض. ونعتقد أن مشهد الصالة التي امتلأت بالحضور للاحتفال بالحرية يعكس حالة الترقب والانتظار التي تاق السوريون لها، وتؤكد أن المسرح هو النافذة التي تنقل الحكايا والقصص وتوثق للنصر والحرية التي طال انتظارها.
تدوير العرض
وعن كيفية إعادة تدوير العرض بعد سقوط النظام البائد واختلاف مفردات التعاطي ضمن المرحلة الراهنة يجيب الأخوان ملص: نحن مخلصون للعرض الأساسي وللنص وللحالة الإخراجية التي اشتغلنا عليها منذ تسع سنوات وتركنا فيها مساحة للارتجال، وعندما دخلنا سورية أحدثنا هذا الاختلاف بنسبة ١٠٪ وذهبنا إلى منطقة احتفالية ثورية وقمنا بتحديث مفردات العرض بما يتناسب مع الحالة السورية، لذلك نستطيع القول إن العرض صار بثلاث نسخ.. نسخة فرنسية ونسخة عربية ونسخة سورية بعد سقوط النظام.
الانتماء لسورية
وحول ما رصداه في جولتهما في المحافظات والمدن السورية يؤكد الأخوان ملص أن أهم مارأوه هو حالة الانتماء للبلد والكرامة والتغيير في وجوه الناس والأمل بالقادم الجديد، وهو تغيير يدعو للتفاؤل وخاصة أن سبب الانتفاضة الثورية والحراك الكبير هو الكرامة فلا مساس بكرامة أي سوري.
وعن المساحة بين المسرح والدراما ودخولهما عوالم الدراما الفرنسية عام ٢٠٢١؟ يجيب الأخوان ملص إنهما يقومان بتصدير فنّهما بدافع الحب والدليل أنه تم الاشتغال على مجموعة من الأفلام القصيرة مثل: “البحث عن عباس كارستاني، رائحة البرتقال، أحدنا غادر الصورة” وغيرها..
ويكملان: منذ عام ٢٠١٤ اكتشفنا أنها تُشكل بطريقة ما انتقالاً للحكايا بدءاً من اللجوء ومروراً بمحاكمات الناس الذين حصلوا على اللجوء خارجاً وصولاً إلى التحرير وهي تصور بأسلوب ما التغريبة السورية منذ النزوح والتهجير وما عاشوه من مرارة بسبب النظام الفاسد.
الثنائية الفنية
ولدى سؤال الأخوين ملص عن الثنائية التي يشكلانها والتي بدت أشبه بشكل العصابات أكدا أن الفكرة قديمة ومعروفة بأن فناني العصابات هم الذين يجمعون أنفسهم لتقديم فنّ ما واستكملا بجملة واحدة نحن نجونا بأنفسنا كفنانين عندما أصبحنا عصابة، فعند دخولنا الوسط الفني وكما هو معروف كان الأمر يحتاج لتقديم الطاعة والولاء وإلى العلاقات وأن نكون جزءاً من مشاريع الآخرين، لذا توجهنا لتشكيل عصابة كما قيل وشكلنا مؤسسة تنتج عملها الفني لوحدها ولو لم تكن كذلك لأصبحنا مهمشين.
وعن مدى تقاطع الأفكار بينهما كونهما توءماً أشارا إلى أن أي فنان لديه مشروع يجب أن يكون لديه شريك، فمثلاً هناك الأخوان رحباني والأخوان لوميير وهي حالة جيدة كونها تعمل على التصعيد الإبداعي والنتائج التي تخرج إلى العلن هي عبارة عن نقاشات طويلة تحتمل الاختلاف والاتفاق وهي شراكة مهمة وحالة التصعيد بيننا تقدم فناً مختلفاً.
قفازات ملونة
وعن القمع الذي عاشاه قبل الثورة استذكر الأخوان ملص مقولة الراحل سعد الله ونوس: “هناك قمع في قفازات ملونة” فالقمع ليس بالهراوة والعصا وتمت ممارسة هذا القمع قبل الثورة على الفن من قبل النظام البائد، وحتى خلال الثورة تم إقصاء الفنانين ذوي الفكر الحر واستبدلوهم بفناني النظام، لذا آثرنا تأسيس (مسرح الغرفة) الخاص بنا والذي يعبر عن أفكارنا ومبادئنا ولو لم نكن عصابة قبل الثورة وخلالها وأسسنا مسرحنا وأفلامنا لما نجونا.
وعن نية إعادة تقديم مسرحية “الثورة غداً تؤجل إلى البارحة ” التي عُرضت عام ٢٠١١ وكانت شرارة الثورة الفكرية بالنسبة لهما؟ يجيب الأخوان ملص بأنهما أميل لتقديم عرض جديد يقومان ببنائه وبما يتناسب بتفاصيله مع الحالة الراهنة.
وبخصوص الاختلاف بين ظروف المسرح السوري والمسرح العالمي يشير الأخوان ملص إلى أن الاختلاف كان بفكرة الرقابة فلا أحد يقوم بقراءة نص في أوروبا بل تتلخص الحكاية بأن يتم الاتفاق مع أي مسرح تعجبه فكرة العرض وبدايتنا كانت هكذا.. نعرض في أي مسرح يتفق مع العرض ودون رقابة.
وعن الجديد القادم يحضر الأخوان ملص فيلماً وثائقياً طويلاً له علاقة بالثورة والتحرير منذ لحظة دخولهما إلى سورية وفيلماً قصيراً يحاكي روح دمشق إضافة لعرض مسرحي سيبصر النور قريباً.