التهديد الذي تواجهه الكابلات البحرية: استراتيجية متعمّدة جديدة لروسيا والصين

موسى الأسعد:

في شهر تشرين الثاني “نوفمبر” 2024، اتهمت السويد وألمانيا والدنمارك السفينة الصينية يي بنغ 3 بتخريب كابلين للاتصالات تحت البحر عمداً في بحر البلطيق: أحدهما بين ألمانيا وفنلندا، والآخر بين السويد وليتوانيا، وبينما تعاون مالكو السفينة مع تحقيق دول البلطيق، زعموا أن الضرر كان غير مقصود، وفي وقت سابق، في تشرين الأول / أكتوبر 2023، تم اكتشاف تخريب على كابل اتصالات إستوني يربط البلاد بالسويد وفنلندا، وتشتبه السلطات الإستونية في أن سفينة شحن مملوكة لهونغ كونغ متورطة في هذه القضية، ولا يزال التحقيق جارياً، حيث يؤكد الجانب الصيني براءته مرة أخرى.
وعلى نحو مماثل، اتهمت إستونيا في ديسمبر/كانون الأول 2024 حاملة دبابات روسية بإتلاف كابلات الاتصالات والطاقة بين فنلندا وإستونيا، وقد أثارت هذه الحوادث الثلاث مخاوف بين الدول الإقليمية من أن روسيا قد تستخدم استراتيجية جديدة لتعطيل الاتصالات بين الدول المعادية لروسيا أو الداعمة لأوكرانيا، مع احتمال أن تعمل السفن الصينية تحت إشراف روسي.

إلى جانب هذه الحوادث في بحر البلطيق، اتهمت تايوان الصين أيضًاً بحالتين من التخريب في مياهها الإقليمية، في فبراير/شباط 2023، تم قطع كابلين بحريين بالقرب من جزر ماتسو التايوانية، ولم يستدع ذلك أي رد فعل من الجانب الصيني، وفي 3 يناير/كانون الثاني 2025، تعرض كابل اتصالات بالقرب من مدينة كيلونج في شمال تايوان للتلف، وألقت خفر السواحل التايواني باللوم على سفينة تجارية مملوكة لهونغ كونغ في الحادث، ولكن بسبب الظروف الجوية، لم يكن من الممكن تفتيش السفينة، ونفت الشركة مسؤوليتها، مشيرة إلى عدم كفاية الأدلة، في حين اعتُبِر حادث جزر ماتسو عرضياً، اعتبر المسؤولون التايوانيون أن القضية الأخيرة جزء من استراتيجية صينية جديدة لاستهداف البنية التحتية للاتصالات في تايوان وسط تصاعد التوترات.

البنية التحتية للكابلات البحرية مسؤولة عن نقل أكثر من 95٪ من الاتصالات العالمية، من خدمات الإنترنت إلى البيانات الاقتصادية، وبالتالي فإن الحفاظ على سلامتها أمر بالغ الأهمية للاستمرار في عمل الاقتصاد العالمي والنظام الدولي ككل، تسلط حوادث التخريب الأخيرة الضوء على مدى سهولة إتلاف هذه البنية التحتية، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى استكشاف حلول بديلة، مثل الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض، وفي الوقت نفسه، تستمر التحقيقات في ما إذا كانت هذه الهجمات تعكس استراتيجية متعمدة من قبل روسيا والصين.

* كاتب سياسي

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار