البيان الحكومي مابين المأمول والافتراضي

بالأمس استمعنا إلى البيان الحكومي.. واستوقفتنا مجموعة من النقاط.. ورغم إن الواقعية صفة إيجابية إلا أن تراجع الأوضاع المعيشية تدفع بالتوقعات إلى مساحات أبعد حيث الآمال العريضة ونحو مؤشرات تبشر بتحسن هذه الأوضاع.. ما قاله البيان أن الوضع الراهن يفرض تحديات كبرى اقتصادية واجتماعية.. وما تتطلع إليه الأفئدة من توقعات هو  إجراءات تفاعلية تستوجب حلاً فورياً يأتي في طليعتها استقرار سعر الصرف  والحد من التضخم  وإيقاف تدهور المستوى المعيشي للمواطنين وتأمين استمرار التجارة الخارجية والنقل الآمن الداخلي والخارجي وتأمين أسباب العودة للحفاظ على مخزون استراتيجي للمواد الأساسية وتدعيمه واستمرار تأمين تدفق موارد الدولة الضرورية لقيامها بدورها المطلوب.
وما بين المأمول والافتراضي فالحكومة كانت واضحة في شرح التحديات لكنها لم تبخل بوضع الحلول المناسبة لها ويشار بإيجابية إلى اعتماد أسلوب الخطة السنوية المتوافقة مع الموازنة والتي تحدد أهدافاً عامة واضحة للاقتصاد الوطني تتضمن تحفيز القطاع الخاص للمشاركة في البناء إلى جانب القطاع العام وصولاً إلى لعب دور متكامل بينهما على مستوى الاقتصاد الوطني ومعالجة الفساد والشبكات التي تنظمه لما تسببه من فاقد اقتصادي كبير على الاقتصاد الوطني لا يمكن تحمله.
ويسود الاعتقاد بأن نهج الشفافية، الذي أكدت الحكومة حرصها على اتباعه في إدارة الملفات المختلفة سيكون أحد أسباب التميز في الأداء؛ لأنه وإن كان يقدم رؤية واقعية لطبيعة المشاكل التي تواجه العمل الحكومي وكيفية التغلب عليها، فإنه يضمن أيضاً التعرف على رؤى ومقترحات المواطن والإعلام حول العمل الحكومي، وكيفية تطويره. والشيء المهم في العمل الحكومي  أنه أعطى هذا الهم السياسي والوطني ما يستحقه من اهتمام، ويمكن القول إن التحديات الكثيرة  وفي مقدمتها تحسين عدالة توزيع الدخل، وتعزيز كفاءة سياسات إعادة توزيع الدخول والثروات بما يضمن الاستثمارَ الأمثلَ للموارد المتاحة، والعمل على رفع الحصار وتجاوز العقوبات، وتأمين التمويل لإعادة الاعمار عبر جذب الاستثمارات وإعادة دوران المنشآت الصناعية والتسهيلات المتوقعة لجذب التمويل الدولي ورأس المال المحلي والمهاجر وهذه الملفات  لا تحل بقرارات رسمية فقط، بل هي جهد جماعي يحتل مجلس الشعب دوراً مهماً في تحقيقه وعن طريق الإعلام ومؤسسات الدولة والأحزاب والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وإذا اختلفنا حول إدارة بعض الملفات نتفق جميعاً أن المواطن هو محور العمل الحكومي، وأن جميع برامج وخطط التنمية في المجالات المختلفة تستهدف العمل على رفع مستواه والارتقاء بمختلف جوانب حياته المعيشية، وتوفير البيئة المناسبة له للعمل والمشاركة بفاعلية في العمل الوطني، وذلك ترجمة لمرحلة التمكين والتي تستهدف تهيئة البيئة المبدعة اللازمة لتمكين الفرد المواطن من عناصر القوة اللازمة ليصبح أكثر إسهاماً ومشاركة في مختلف مجريات الحياة الاجتماعية والسياسية والإنتاجية والمعرفية، باعتباره غاية التنمية ووسيلتها.
ونرى أن الحديث المستمر عن  التحديث والتطوير للأداء الحكومي، وما يرتبط به من خدمات مجتمعية لابد من أن يرتبط مع إعلاء ثقافة التميز من منطلق الإيمان بأن هذا هو المدخل للارتقاء بالأداء والإنتاج والخدمات وتطويرها. ونتفاعل بقوة مع رؤية الحكومة أن  الزمنَ غالٍ وثمينٌ، وموردٌ نادرٌ يتآكل كلَّ يوم وكلَّ ساعة وكلَّ لحظة، وعلينا كسبُ رهانِ إدارته معاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار