إعصار ميلتون يُسقط «خطة نصر» زيلينسكي أرضاً.. تأجيل زيارة بايدن إلى ألمانيا يُلغي أهم اجتماع أميركي- أطلسي لدعم نظام كييف
تشرين – مها سلطان:
أطاح إعصار ميلتون الذي يضرب حالياً ولاية فلوريدا الأميركية بأهم اجتماع أميركي- أطلسي بخصوص أوكرانيا، وهو اجتماع رامشتاين «ألمانيا» لمانحي السلاح للنظام الأوكراني الذي يتزعمه فلوديمير زيلينسكي، والاجتماع كان مقرراً يوم السبت المقبل، ويسمى اجتماع المسؤولين الرفيعي المستوى لمجموعة الاتصال الدفاعية «رامشتاين».
وبقدر ما يشكل هذا الخبر نقمة لنظام زيلينسكي بقدر ما يشكل في الوقت ذاته نعمة، أو لنقل فرصة لكسب الوقت مع روسيا، فيما يخص الأميركيين والأوروبيين الذين لا يريدون أو يحاذرون حتى الآن تجاوز الخطوط الحمر مع روسيا.
وتم إلغاء الاجتماع «أو تأجيله حسب المعلن رسمياً» عقب قرار الرئيس الأميركي جو بايدن تأجيل زيارته إلى ألمانيا بسبب إعصار ميلتون الذي من المتوقع أن يخلف ضحايا وأضراراً مادية كبيرة.
وحسب البيت الأبيض فإن الرئيس بايدن أجّل الزيارة بغرض الإشراف على الاستعدادات والاستجابة للإعصار، فضلاً عن الاستجابة المستمرة لتداعيات إعصار هيلين الذي سبق بأيام قليلة فقط إعصار ميلتون.. علماً أن زيارة بايدن إلى ألمانيا هي الأولى لرئيس أميركي منذ ما يقرب من 40 عاماً.
ولا يستطيع بايدن إلا تأجيل الزيارة حيث السباق الرئاسي في ذروته، وحيث خصومه الجمهوريون ينتهزون كل فرصة لمهاجمة الديمقراطيين ومرشحتهم كامالا هاريس، وكل فرصة لأي من الطرفين للنيل من الآخر هي فرصة قاتلة في هذا التوقيت، مع بقاء أقل من شهر على يوم الانتخابات المقررة في 5 تشرين الثاني المقبل.
وكانت زيارة بايدن إلى ألمانيا مقررة اليوم الخميس وتستمر حتى الأحد المقبل، ويشارك خلالها في اجتماع رامشتاين المخصص لبحث الدعم العسكري لنظام زيلينسكي والتأكيد على استمراره في مواجهة روسيا.
فيما كان زيلينسكي يستعد لطرح خطته (خطة النصر) أمام الاجتماع الذي كان سيشهد عشية انعقاده محادثات منفصلة بين مسؤولين بريطانيين وألمانيين وأميركيين وفرنسيين بشأن المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ورغم أن زيلينسكي لم يعلن أي تفاصيل حول خطته، باستثناء أنها تحتاج إلى تعاون وإجراءات أميركية وذلك خلال زيارته الأخيرة قبل نحو أسبوعين إلى الولايات المتحدة، إلا أن الإعلام الغربي نقلاً عن مصادر يصفها بالمطلعة قال: إن خطة زيلينسكي تقوم بشكل أساسي على سماح الغرب لنظامه باستخدام الأسلحة الغربية البعيدة المدى لضرب الأراضي الروسية.
وقبل أسبوع كتب زيلينسكي في منشور على «تليغرام»: سنطرح خطة النصر، خطوات واضحة ومحددة لإنهاء الحرب على نحو عادل.
ويعتبر زيلينسكي أن ضرب العمق الروسي هو مفتاح نجاح خطة النصر التي قدمها للرئيس بايدن ومرشحي الرئاسة، دونالد ترامب وكامالا هاريس، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن قبل نحو أسبوعين.
وحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هوياتهم فإن الخطة ما هي إلّا طلب مُعاد للحصول على المزيد من الأسلحة ورفع القيود المفروضة على استخدام الصواريخ البعيدة المدى، مشيرين إلى أن خطة زيلينسكي تفتقر إلى استراتيجية شاملة.
بالمقابل بدا لافتاً تركيز الإعلام الغربي (ومن دون أي إشارات رسمية) على احتمال طرح عملية مقايضة على أوكرانيا وروسيا، مفادها أن تحتفظ روسيا بالأراضي التي ضمتها مقابل انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي. ويقول: إن نظام زيلينسكي مستعد للقبول بهذه المقايضة ويرسل إشارات حول ذلك مقابل الحصول على ضمانات أمنية من الغرب والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. (علماً أن هدف النظام الأوكراني يتجاوز الاتحاد الأوروبي إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي /ناتو).
وبهذا الخصوص كتبت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية أن النظام الأوكراني مستعد لذلك، مشيرة إلى أن تحشيدات القوات الأوكرانية الضخمة باتت محاصرة، وبيّنت الصحيفة أنه خلال جولة أوروبية شملت باريس وروما وبرلين، يريد زيلينسكي الحصول على ضمانات من أجل الانضمام السريع إلى الاتحاد الأوروبي.
وأضافت «كورييري ديلا سيرا»: يعكس نشاط زيلينسكي هذا اقتناعه بأن الوقت قد حان للبحث عن طرق للخروج من النزاع بحيث لا يجعل أوكرانيا تجثو على ركبتيها.
وتابعت: خسرت أوكرانيا في أيلول الماضي أكبر مساحة من الأراضي منذ بداية الحرب. وفي الوقت نفسه وقعت قوات أوكرانية ضخمة في الفخ على الأراضي الروسية (في مقاطعة كورسك جنوب غرب البلاد) كما تقف عاجزة أمام تقديم المساعدة العسكرية لقواتها المنهارة في دونباس.
ورأت «كورييري ديلا سيرا» أنه يجب على زيلينسكي إقناع الأوروبيين بخطته السياسية، فهو لا يستطيع التنازل رسمياً عن الأراضي، وهذا أمر ثقيل جداً على أي سياسي أوكراني.
واختتمت الصحيفة بالقول: إن الضمانات الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة تستند إلى نموذج اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين.
وكانت وكالة «بلومبرغ» الأميركية قد تحدثت في الشأن نفسه، مشيرة إلى أن الغرب بدأ يلاحظ تغييرات في موقف النظام الأوكراني فيما يخص إنهاء الحرب.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين مقربين من حلف الناتو قولهم: إن حلفاء أوكرانيا يرون أن زيلينسكي قد يكون على استعداد لاتخاذ موقف أكثر مرونة بعد الفتور الذي لقيه من البيت الأبيض خلال عرض خطته على بايدن.
وحسب الوكالة، فإن الحلفاء زادوا من الضغط على زيلينسكي لتقديم خطة محددة أكثر، مشيرة إلى أنهم يدرسون إمكانية انهاء الحرب عبر المفاوضات في ظل «المأزق» في ميدان القتال والميزانيات المحدودة والانتخابات الرئاسية الوشيكة في الولايات المتحدة.
وكانت تقارير إعلامية أميركية قد أشارت إلى أن خطة زيلينسكي أثارت خيبة أمل في واشنطن ، حيث اعتبر المسؤولون الأميركيون أنها لم تتضمن أي شيء جديد، وتكررت فيها الطلبات السابقة بشأن تقديم الأسلحة ورفع القيود عن استخدام الأسلحة الغربية لضرب عمق الأراضي الروسية.