العيد وبهجتنا المفقودة
عمر الإنسان لا يُقاس بالسنوات، عمر الإنسان يُقاس باللحظات والساعات الجميلة، فلحظة واحدة جميلة تعادل سنين ألم ووجع.
بدأتُ بهذه المقدمة لزاويتي التي تنشر اليوم في ثالث أيام عيد الفطر المبارك أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات وعلى وطننا الغالي سورية بالأمن والأمان والاستقرار، هذا العيد الذي يمر على الكثيرين من أبناء وطني الجريح كأي يوم عادي، بل فيه من الوجع الكثير لما وصلنا إليه، لقد فقدنا نكهة العيد، فقدنا لمة الأحباب من إخوة وأصدقاء، فالواقع الاقتصادي المتردي أسهم في زيادة الفرقة بين الأهل، منهم المهاجر خارج الوطن ومنهم مَن سرقته الحياة للعيش في محافظة أخرى، ولم يستطع قطع المسافات لمعايدة الأحباب، فحالته المادية لا تسمح له بدفع تكاليف السفر، ولا الأبناء خارج الوطن باستطاعتهم الحضور كل عيد، واقتصرت المعايدات على وسائل التواصل الجوفاء الخالية من أي مشاعر إنسانية صادقة.
فهل حقيقة الواقع الاقتصادي فعل فعلته فينا ولم يعد الأخ يشعر بأخيه وأهله، و واقعنا الاقتصادي زاد الهوة بين الأحبة ووسائل التواصل الاجتماعي زادت وعمقت الجفاء وحلّت مكان المشاعر الإنسانية الحقيقية التي لا تضاهيها أي تكنولوجيا؟
نعم العيد لم يتغير، فالعيد محبة ولقاء وتسامح وصفح، ولكن نحن مَن تغيرنا، وبتنا غرباء عن أنفسنا، غرباء عن أهلنا وأحبابنا، ربما ظروف الحياة القاسية فرضت علينا ما لا نحبه ونتمناه.
فليت مصباح علاء الدين والمارد حقيقة، فربما استطاع هذا المارد إعادتنا إلى أيامنا الخوالي التي كانت فيها جمعة الأهل ولمتهم هي السعادة الحقيقية، وكان العيد بكل تجلياته حاضراً فينا وبيننا.
سنوات تمضي كساعات، نتحسر على ماضٍ جميل لم يبق منه سوى الذكريات، ولكن نبقى محكومين بالأمل ربما القادم يكون أجمل، ولعل الأيام القادمة تعيد إلى عيدنا بهجته المفقودة.