تحديد الأولويات
مؤخراً حددت وزارة التربية أجور دورات المنهاج للشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي في المخابر اللغوية، وذلك حرصاً على تنظيم العمل في المراكز التعليمية الخاصة (مخابر لغوية) ومراعاة للظروف الراهنة و لتصبح أعلاها مليوني ليرة .
قرار جيد، وخاصة في ظل انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية التي استفحلت حدّ المرض وأسعارها التي فاقت الخيال.
فاليوم وصل أجر المنهاج لشهادة التعليم الأساسي لأكثر من خمسة ملايين ليرة وتجاوز السبعة ملايين لمنهاج الشهادة الثانوية، وبات الأهالي يحسبون ألف حساب عند وصول ابنهم إلى مرحلة الشهادة ويضطرون للتقديم على قرض لتلبية حاجة أبنائهم من الدروس الخصوصية.
كنا ذكرنا سابقاً أن تحديد أجور المنهاج خطوة جيدة، ولكن مَن سيلتزم بهذه الأسعار؟، ومَن سيراقب تطبيقها على أرض الواقع، وخاصة أن الدروس الخصوصية منتشرة ليس فقط في المخابر اللغوية المرخصة، وإنما في غرف مستأجرة ومنازل المدرسين الذين يزيدون أسعارهم مع كل زيادة للرواتب والأجور بل ومع زيادة سعر الصرف والخضار والفواكه واللحوم و…. دون شبع وباتوا تجاراً في العلم وليسوا رسلاً (كاد المعلم أن يكون رسولاً).
والأحرى بنا اليوم أن نعيد للمدارس دورها المفقود وهيبتها، ولتكن الغاية والهدف، والدروس الخصوصية لمَن يحتاج فقط وليست الهدف الأول قبل المدرسة التي بات دورها على الهامش، حتى التزام الطلاب بالدوام في أدنى مستوياته ولا يكادون يداومون أكثر من شهرين من بداية العام إلى نهايته.
ولا ننكر هنا أن الظروف الاقتصادية الضاغطة أجبرت الكثيرين للعمل الإضافي، وكان التعليم في سلم الأعمال المستهدفة حتى من خارج الكوادر التدريسية، ولكن أن تستفحل هذه الظاهرة، فهنا تكمن الكارثة الحقيقية.
أمام وزارة التربية تحديات كبيرة لإعادة هيبة المدارس والمدرّس معاً، والحد من ظاهرة الدروس الخصوصية التي باتت داءً مستشرياً، وتحديد الأولويات للخطوات التي تتخذها، وتطبيقها على أرض الواقع وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب لكل مَن يتلاعب بمصير أبنائنا، فهل تنجح وزارة التربية في مهمتها المنتظرة؟