هل يكون الحل صينياً أو ينطلق من الصين؟ سؤالٌ لا بد من طرحه مع بدء تحرك عربي إسلامي بدأ من الصين ضمن جولة تضم عواصم عالمية لبلورة تحرك دولي لوقف العدوان الصهيوني على غزة، ووضع حد للكارثة الإنسانية المستمرة لليوم الـ45، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، ولاسيما في ظل انعدام أي حلول بما في ذلك موضوع التوصل إلى هدنة التي لا تزال تخضع لعراقيل أمريكية- صهيونية رغم كل الضغوط الدولية.
أن تكون بداية التحرك العربي والإسلامي على المستوى الدولي بشأن الحل في غزة من الصين، فهذا تكريس إن كان عن قصد أو عن غير قصد لمسار التوجه شرقاً والخروج من الإطار الأمريكي، وهذا المسار انطلق منذ مدة ليست قليلة وتفعّل مع إتمام الاتفاق السعودي – الإيراني برعاية صينية، كما هو محاولة للبحث عن حلول جادة وحقيقية مع جهات فاعلة تدعم السلم والأمن والاستقرار كالصين الشعبية والصديقة للدول العربية والإسلامية، ومحاولة التقاط اللحظة والاستفادة من التجارب الخائبة مع الأمريكي وتعلم الدرس، وتثبيت علاقات أكثر ثقة ومصداقية مع الاهتمام بقاعدة الشراكة والمنفعة المتبادلة.
أمام العدوان الصهيوني – الأمريكي والغربي معاً الهمجي على غزة، ثبُت للكثيرين بمن فيهم من حلفاء أمريكا في المنطقة، أن لا سلام يمكن أن يُرجى أو يتحقق مع الأمريكي أو من خلاله، وأن تحقيق استقرار دولهم ينطلق من تحقيق الاستقرار في عموم المنطقة وإيقاف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية على نحوٍ عام، لذلك كان الاتجاه إلى الصين في أولى المحطات بعد القمة العربية الإسلامية الطارئة في 11 الشهر الجاري، وهنا ستكون أمريكا أمام معضلة حقيقية، ففي حين كانت تعتقد أن العدوان على غزة محصور بالمنطقة وأطرافها الإقليمية وتحت سيطرتها من البداية إلى النهاية التي لا تلوح صيغتها في الأفق إلى الآن، ستجد نفسها أمام معادلة دولية موجودة أساساً لكن غزة وسّعتها بجوانبها السياسية عموماً والاقتصادية على نحوٍ خاص، وأمام جبهة جديدة في صراعها مع الصين مع توسع الاحتمالات والتحليلات التي تشير إلى الحرب الصينية – الأمريكية المقبلة.
التحرك العربي الإسلامي السياسي الجديد إن استمر على نحو فاعل وأتى بنتائج إيجابية عربية ودولية معاً من شأنه أن يعرقل المسارات الأمريكية في المنطقة والخطط الصهيونية، فنجاح المخطط في غزة يعني وضع المنطقة على برميل من البارود قد ينفجر في أي لحظة بما يسري تبعاته على جميع دول المنطقة، كما إن هذا التحرك إن استمر يشكل ضربة للممر الهندي كمشروع أمريكي لمصلحة مبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
هبا علي أحمد
325 المشاركات