باحث في طرطوس يحذّر من غياب الضوابط التقليدية للمجتمع
تشرين- ثناء عليان:
تحت عنوان “المواطنة والتربية على المواطنة” ألقى الباحث خالد فهد حيدر محاضرة في المركز الثقافي بطرطوس بيّن فيها أن ما تمر به المجتمعات البشرية من أهوال وصراعات هو، برأيه، وراء غياب ما ينظم المجتمع عموماً وما ينظم الصراع في المجتمع.
ولفت حيدر إلى أن المواطنة تعني مسؤولية انتماء الفرد إلى وطن (بلد) ما برضاه، وما يترتب على ذلك الانتماء من حقوق وواجبات، مؤكداً أن التنشئة والتعليم يوفران المعرفة الأساسية اللازمة لكل فرد في المجتمع وذلك لتمكينه من المشاركة السياسية والاجتماعية والمدنية الكاملة ضمن حدود القانون والحقوق والواجبات من خلال التعرف على مفاهيم عدة: السياسة- البرلمان- التصويت- حقوق الإنسان – العدالة –الاقتصاد.
وأشار إلى أنه يمكن البدء بالتربية على المواطنة مع الأطفال من خلال تعلم المبادئ الأساسية للمواطنة وما يعنيه الانتماء والولاء وأهمية التعبير عن رأيهم ومعرفة مدى أهمية دور كل فرد في المجتمع، وتقديم أمثلة جيدة عن المواطنة للطلاب وتعريفهم بشخصيات وطنية عالمية كان لها تأثير إيجابي وفعال في المجتمع والحياة المدنية، والاطلاع على الثقافات الأخرى.
ودعا حيدر إلى الحوار الدائم مع الطلاب حول المواطنة وإتاحة الفرص لهم للتعبير عن كل ما يتصل بالمواطنة وفق رؤاهم ، مبيناً دور الأسرة في التربية على المواطنة، من خلال تربية الطفل على قيم التسامح وحب الآخرين وتقديم المساعدة لهم وعدم التنمر على الآخرين في حال وجود اختلافات، وحثه على الحفاظ على الممتلكات العامة ونظافتها.
وعن دور المدارس والجامعات في التربية على المواطنة، أكد حيدر أن المدارس تقوم بتمثيل القيم الديمقراطية من خلال تعزيز مناقشة القضايا المهمة ودعوة الطلاب للمشاركة في تشكيل الحياة المدرسية الفعالة، وتشجيعهم على النظر إلى المشكلات والتعامل معها كعضو فعال في المجتمع من خلال العمل مع الآخرين بطريقة تعاونية وتحمّل المسؤولية، وتعزيز القدرة على فهم الاختلافات الثقافية وقبولها، ودفعهم إلى تغير أسلوب حياتهم وعاداتهم الاستهلاكية لحماية البيئة والموارد الطبيعية، وفهم كيفية تنظيم المجموعات وممارسة القيادة ووضع القوانين والحفاظ على العدالة الاجتماعية والمشاركة في تطبيق الإصلاح.
ومن مقومات المواطنة يذكر حيدر: الانتماء، أي الانتساب الحقيقي للوطن والاستعداد للتضحية في سبيله والاعتزاز بكل رموزه وجعل مصلحته فوق الجميع، وعدم التظاهر بحب الوطن، بل تحقيق هذا على أرض الواقع، والولاء ويعني الوفاء والإخلاص للدولة، كذلك الحرية، التي تعني قدرة الأفراد على اختيار ما يريدون وما لا يريدون بشرط ألا يتعارض مع مصلحة الدولة، كما أن المساواة تعد من مقومات المواطنة وتتمثل في عدم معاملة الأشخاص حسب عقيدتهم أو مكان ولادتهم أو طبقتهم، وجعل القانون والأنظمة أساساً للتماثل بين الأفراد، وأيضاً الحقوق، الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية “حق الحياة.. حق العمل”، وأخيراً الواجبات ويقصد بها التزام الأفراد بكل الواجبات وتنفيذها والتقيد بها من أجل الحصول على حقوقه المشروعة.
وتصنف المواطنة ضمن ثلاثة أنواع: “استهلاكية وثقافية وبيئية، ومن معوقاتها: غياب المساواة بين المواطنين أمام القانون، والمشاركة في الفعاليات المجتمعية والسياسية، والفساد الذي يؤدي إلى انتشار حالات التحيز بين الأفراد، وتغييب مبدأ الخبرة والكفاءة، وضعف محفزات الانتماء للبلاد.
وتأتي أهمية التربية على المواطنة – حسب حيدر- من أنها تساعد الأفراد في فهم المجتمع الديمقراطي وكيفية التعامل معه، وتمكنهم من تقديم مساهمات إيجابية من خلال تطوير معرفتهم لحقوقهم وواجباتهم، إضافة الى إعدادهم لمواجهة التحديات والفرص، كما تؤثر المواطنة في اختيارات الفرد، لافتاً إلى أن التربية على المواطنة تشمل الكثير من المفاهيم الإنسانية مثل «الصدق، الرحمة، الاحترام، المسؤولية، الشجاعة، المساهمة الإيجابية، المشاركة والتعاون».