بين الإنسانية والسياسة

يبدو أن التوقّعات والتنجيمات قد تصيب وتصدق أحياناً، وإن بقيت في أغلب الأحيان على حافة عدم اليقين، فالزلازل، وبإجماع العلماء المختصين، لا يمكن التنبؤ بوقت حدوثها، ولا إعطاء التعليمات والتحذيرات للأشخاص للابتعاد عن الأماكن التي قد تضربها، لذلك فإن كل الزلازل تأتي مباغتة، فتصيب من تصيب، وتدمّر ما تدمّر.
ما يجب أن يكون عليه الأمر حيال هذه الكوارث العظيمة التي تؤدي إلى دمار كبير في الحجر، وإزهاق للأرواح، هو الحالة الإنسانية التي تليها، وموجة التعاطف القوي تجاه من تصيبهم الكارثة، حتى من الأعداء أحياناً، لأن من يُبدون تعاطفهم يندفعون بردة فعل إنسانية ترفض منظر الدمار والمعاناة التي يعيشها الناس بمختلف أجناسهم وأعمارهم تحت الركام.
الغريب في الأمر أن بعض الزعامات السياسية تنظر إلى ردة الفعل الإنسانية من منظور سياسي، فتنسى الحالة الإنسانية، وما يمكن أن تساهم فيه الجهة المتعاطفة بإنقاذ حياة شخص أو تقديم العون لمحتاج، مدفوعة بحقدٍ شخصي يرقى إلى المشاركة في الكارثة، وزيادة وطأة المُصاب على ما ألمَّ به.
الأغرب من كل ذلك أن يرفض الأخ مساعدة أخيه لمجرد الخلاف السياسي، ولا يبدي ردة فعلٍ مستنكرة تجاه العدو الذي يقتل أخاه في المقلب الآخر، وفي الوقت نفسه يعرض عليه المساعدة لغاية سياسية أيضاً.
هذه الحالة بدت عاريةً في زلزال المغرب، حيث رفضت السلطات المغربية تقديم العون الجزائري الذي كان ربما يرأب الصدع بين البلدين، خاصة أن المغرب والجزائر بلدان شقيقان تجمع شعبيهما أواصر الأخوة والقربى والدين والجغرافيا والجوار، فهل طغت السياسة وخلافاتها على الإنسانية والتعاطف الأخوي بين العرب؟!
سؤال برسم السلطات المغربية التي لم تهزّها المشاعر الإنسانية حيال الكارثة التي ألّمت بسورية قبل أشهر قليلة، ولم تبدِ رغبة في المساعدة ولا حتى في التعاطف.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار