الصحوة لا الغفلة
بدا منهمكاً والعرق يتصبب من جبينه أثناء دحرجته أسطوانة الغاز لاستبدالها من المعتمد بعد أن وصلته الرسالة الميمونة، ولم يكن ذلك بالأمر السهل عليه لأن التحكم بقيادة هذه الأسطوانة يحتاج إلى مهارة عالية لجهة موازنة ضربات أسفل القدم على وسطها كي لا تنحرف يمنةً أو يسرةً.
سألت ذلك المتقاعد حديثاً: أين دراجتك الهوائية التي اعتدت ركوبها لتخديمك؟ فأجاب بحرقة: لقد سُرقت منذ نحو أسبوع في لحظة غفلة، ولا قدرة لي على استئجار سيارة فهي تطلب عشرين ألف ليرة ذهاباً وإياباً، أي ما يعادل قيمة الأسطوانة المدعومة.
أردفت وأنا أسير بجانبه .. وكيف تغفل عنها؟ حينها خفف من وطأة الدفع بالأسطوانة وأسهب بالحديث، مشيراً إلى أن تعديات ضعاف النفوس لم ولن تقتصر على دراجته، فها هي الدراجات النارية تُفقد بلمح البصر من أمام المتاجر أو المنازل وحتى من داخلها ليلاً، كما أن سرقة مضخات مياه المباني السكنية تكاد تكون شبه يومية، وكذلك عدادات مياهها وكابلاتها الكهربائية لا تسلم من السرقة لاحتوائها على مادة النحاس.
هذه الحالات التي تفشت خلال سنوات الحرب البغيضة، تأخذنا إلى التعديات التي تحصل كثيراً على البنى التحتية للخدمات العامة، حيث لا تغيب الأنباء عن قيام خفافيش الظلام بنهب كابلات ارتباط مراكز التحويل مع الشبكة العامة، وتلك المغذية لمحطات ضخ مياه الشرب الرئيسة وللمدارس والمراكز الصحية والهاتفية مع شبكات الأخيرة، بالإضافة إلى ألواح الطاقة الشمسية المغذية لبعض تلك الفعاليات، ما ينجم عنها تعطل عملها بالكامل وحرمان المواطنين من خدماتها لأوقات ليست بقليلة حتى يتم تعويض ما نُهب وبصعوبة، وخاصةّ في ظل شح توافر المواد في الجهات ذات العلاقة ضمن الظروف الراهنة.
إن الحدّ من استمرار تفاقم الظاهرة، يتطلب عدم غفلة المجتمع المحلي عنها وضرورة الصحوة للتكاتف مع الجهات المختصة لكشف وتعرية ضعاف النفوس ممن يتجرؤون على استباحة الممتلكات الخاصة والعامة، وخاصةً أن بعضهم قد يكون معروفاً في محيطه الاجتماعي، وذلك لردعهم وليكونوا عبرة لغيرهم، وتالياً الحفاظ على الممتلكات الخاصة التي لا يستطيع الكثيرون تعويضها في ظل أسعارها الباهظة، وكذلك الحفاظ على المرافق العامة لضمان استمرار خدماتها التي ينتفع بها عامة الناس.