وهن الدراسة بالعمالة
لم يتوانَ منذ بداية العطلة الصيفية عن الالتحاق بالعمل في مخبز خاص بأجر يصل إلى ١٢ ألف ليرة عن أربع ساعات يومياً، واستطاع ذلك الفتى الناجح إلى الصف الأول الثانوي بأجره هذا تأمين مصروفه اليومي مع ادخار مبلغ جيد يمكن أن يغطي بكل أريحية تكاليف مستلزماته المدرسية، لكنه بدا مؤخراً مرتبكاً حائراً بعد أن شارف العام الدراسي الجديد على البدء، فهل يترك العمل؟ أم يستمر فيه أثناء الدوام؟ وهل بإمكانه الموازنة بين عمله ودراسته؟
بالحوار مع هذا الفتى المكافح، تطرق إلى أنه في حال ترك العمل فإن والده الموظف لن يتمكن من تأمين مصروف مقبول له ولإخوته الثلاثة الذين سيلتحقون مثله بالمدرسة، وإذا بقي فيه فإنه سينهكه ويتسبب بتدني تحصيله الدراسي، وخاصةً أن توقيت عمله هو ساعات الفجر الأولى، وبعد أخذ ورد بأن الدراسة أولى من أي شيء آخر، لم يقتنع بالبقاء من دون عمل أثناء الدراسة، بل فضّل البحث عن عمل آخر مسائي إن توفر ليصرف على نفسه وأحد إخوته من باب مساعدة الأب، مع عزمه المحاولة ألا يقصر بواجباته الدراسية.
هذه الحالة ليست فريدة من نوعها بل هناك الكثير غيرها، إذ تجد العديد من الفتية يعملون في ورش إصلاح السيارات والحدادة والنجارة وغيرها، كما تشاهدهم في أسواق الهال والخضر يعملون في التحميل والتفريغ أو البيع، ولا يغيبون عن أعمال الزراعة والبناء وغيرها، وكل ذلك يأتي تحت ضغط الحاجة في ظل الظروف المعيشية الصعبة لأسرهم الفقيرة.
وعلى الرغم من أن مجمل هذه الأعمال تُعلّم الأبناء تحمل المسؤولية منذ الصغر وتسهم في تحسن دخل الأسر الفقيرة وتكسبهم مهارات في مهن ما، وهي غير سيئة كما التسول أو ضياع الوقت باللهو في الشوارع بكل ما تحتويه من سلوكيات غير محمودة، فإننا بالمحصلة أمام عمالة أطفال قد تتسبب في تسربهم من المدرسة أو تؤدي إلى تدني تحصيلهم التعليمي، كما تحرمهم من التمتع بطفولتهم وقد تعرّضهم لأضرار صحية لممارسة أعمال لا تتناسب وبنتيهم الجسدية.
وفي سبيل محاصرة ظاهرة عمالة الأطفال هذه وخاصة أثناء العام الدراسي، نأمل أن تدخل على الخط جمعيات أهلية تعتمد على مساهمات متبرعين من أهل الخير، للتوسع بتغطية تكاليف المستلزمات المدرسية للتلاميذ والطلاب الفقراء، ومحاولة الدعم بتأمين مصاريفهم اليومية في المدرسة.