برهوم كان أكبر «قفّة» همّ عنده هي عديله الأستاذ أحمد نصور، ومن أفتى بالأمثال الشعبية، وحكى عن مشاحنات وحروب (السلايف) ليته التقى ببرهوم ونصور ليعلم أن مركب «العدايل» أيضاً يمكن أن يكون مخروماً.
برهوم المعقّد من أستذة عديله ونظاراته الشمسية والطبية وتأبطه دفتر العلامات والملاحظات والحقيبة الجلد السوداء في الصيف والشتاء،ومن جلاية مطبخه التي اشتراها بقرض على راتبه قبل عقد من الآن، وعصير التوت الذي يسقيه إياه في تعليلاتهما بدل المتة والشاي.. قرر في هذه الأيام الصعبة «مجاكرته وقلب طاولة التمظهر والفشخرة» لتكون لمصلحته، واشترى «موتور سيغنس» من أفخم موتورات الضيعة والضيع المجاورة.
وصار برهوم، يغلق باب دكان الخضرة في موعد انتهاء الامتحانات الثانوية، وهي لحظة خروج الأستاذ نصور من المدرسة، وأشعة الشمس عمودية على صلعة برهوم، لكن لا يهمّ، فحركات الاستعراض واجبة، وحبة «سيتامول» كفيلة بمجاراة «زهزهته»، بينما عديله ستفقع مرارته غيرةً واستسلاماً من حال «الدكنجي» الميسور بموتور «سيغنس» مع زمور.
والموتور كبر حجمه في عيون العائلة، وصار يلبي كل حاجات بيت نصور، فإغاثة الملهوف من شيمنا، حتى لو كانت على حساب أولاد برهوم وزوجته فطوم، المهمّ حالة الاستعراض غير المنتهية أمام العديل المعلم «أبو عصير التوت».
ومع أن الحال من بعضه بين العائلتين، لكن الغل والكيد لم ينفرطا من الصدور، حتى عانى والد برهوم من ذبحة صدرية أنقذه فيها «موتور السيغنس» إسعافيا لأقرب مركز طبي، قدموا فيه كل ما يلزم من استشارات وفحوص، لكن الحالة المرضية تستلزم دخول مستشفى تتوفر فيه أجهزة طبية وتصويراً وعناية مشددة.
وأقرب مركز طبي يحتاج سيارة، والسيارة تحتاج وقوداً، والوقود إن توفر يحتاج نقوداً.
و«السيغنس» بمراياه المزينة بالورود و«إشطمانه» المثقوب، وغلة الدكان ومطمورة الأولاد لن تحل المشكلة، ولن توفر ثمن الأجرة، وبرهوم لم، ولن يطرق باب عديله، ولن يسمح بمناظرته من خلف نظاراته الطبية كي يطلب منه استدانة نقود، ومع أن الأستاذ «معتر» أيضاً، لكنه كان مستعداً لبيع جلاية المطبخ وتقديم ثمنها لأجرة سيارة إسعافية للمحافظة التي تبعد كيلومترات عن الضيعة بـ٢ مليون…«نكايةً» بعديله برهوم.
وصال سلوم
71 المشاركات