مبادرات داعمة
تتلوى الأسر الفقيرة ألماً من العبء الثقيل لمستلزمات الأبناء المدرسية مع اقتراب بدء العام الجديد، خاصةً أن تكاليفها باتت فوق طاقتهم في ظلّ الارتفاعات المهولة للأسعار مؤخراً.
تحضر للواجهة في هذا الشأن بعض المبادرات المجتمعية الطيبة، حيث صادفنا مؤخراً في بعض المكتبات من أهل الخير من يسبر أسعار الحقائب والقرطاسية بهدف شرائها بأقل سعر ممكن من أجل توزيعها للتلاميذ والطلاب الأشد عوزاً، وهي مبادرة لا شك قيِّمة جداً، وينبغي العمل على تحفيزها وتعميمها، وفي السياق كان لافتاً للانتباه الإعلان في بعض صفحات الفيس عن مبادرة أخرى لتبادل نسخ الكتب المدرسية المستعملة بين طلاب مرحلة التعليم الثانوي أو تقديمها تبرعاً لمحتاجيها، وهي أيضاً كفيلة بتخفيف جزء من العبء عن الأسر المحتاجة ونأمل من الجميع الانخراط فيها.
ما تقدم يستحضر إلى الأذهان مبادرات مجتمعية أوسع، كانت حصلت خلال الأعوام الدراسية الماضية في عدة بلدات من محافظة درعا، وهي تستحق أن تكون أنموذجاً يحتذى في مختلف المناطق، حيث تكفل المجتمع المحلي بتكاليف أجور نقل المعلمين والمدرسين ذهاباً وإياباً لتحييد هذا العبء الثقيل الذي كان يتسبب في عدم قبول الكثيرين التعيين في مدارس أبنائه.
حتى إنّ ذلك المجتمع قدّم لهم مبالغ مالية تدعم رواتبهم مع مكافآت في بعض المناسبات لتحفيزهم على التفاني في تعليم أبنائهم، والحدّ قدر المستطاع من تكاليف الدروس الخصوصية المرهقة التي كان الأهل الفقراء سيتكبدونها لو لم يتوفر بعض المعلمين والمدرسين لعدد من المواد، أو تكرر تغيبهم أو تراخوا في إعطاء أبنائهم، كذلك كانت هناك مساهمات متميزة تجلت بترميم بعض المدارس المتضررة مع إعادة تأهيل ما يلزمها من أثاث.
إنّ مسؤولية النهوض بالعملية التعليمية في ظروفنا الراهنة باتت تحتم متلازمة التشاركية مع المجتمع الأهلي، وهو أمر كما سبق ذكره ليس بجديد لكنه بحاجة إلى تحفيز وتشجيع ليتسع، على أن يشمل الدعم المجتمعي الطلاب والتلاميذ لجهة تأمين مستلزماتهم، وكذلك الكوادر التعليمية مادياً ومعنوياً، بالإضافة لمساندة المدارس بما قد تحتاجه من مستلزمات.
وما نأمله من معلمينا الأفاضل تخفيف الأعباء عن أهالي التلاميذ والطلاب من خلال التقليل في طلب المستلزمات إلى الحدود الدنيا، وتجنب دفع التلاميذ والطلاب إلى أخذ الدروس الخصوصية وخاصة في الصفوف الانتقالية من خلال الإعطاء الوافي في المدرسة، وإن كان الأمر بمسوغ الحصول على دخل إضافي في ظل ضعف الراتب فليترك الأمر كيفياً لمن يرغب من المقتدرين، وتحييد الفقراء لأنّ أهلهم بالتأكيد ليسوا بأحسن حال منكم، كما نأمل من وزارة التربية التوجيه بعدم الإلزام باللباس المدرسي فحال الناس لا تحتمل، وليكن النظر بزيادة تعويض طبيعة عمل المعلمين في مرمى اهتمامها لعلّ ذلك يسهم بتحسن جودة التعليم التي فيها مصلحة أبنائنا جميعاً.