الشاعر أحمد نصرة يصف ديوانه «مجازات الماء» بصرخة في وجه التيه وضبابية المفاهيم

تشرين- ثناء عليان:
«كل هذا الخراب لي،
ولك، أبدية الموت على
جدائل الطريق المعزول على
ضفاف أحزاني إليك..»
بين رائحة القبلة.. وصهيل الرغبة.. تركت القصيدة ترعى.. وغفوت”.. اكتب نصك وانسه.. ولأن ليس ثمة فارقاً.. عد واحذفه.. فقد تأخر الوقت..، الغربة.. تكرار اللون في الجسد.. إن وجهك نهر.. وهذا الماء زبد..، خائن هذا الجسد.. كمثل الحزن.. كمثل الفرح.. كاللحظة تبدد الاسم.. من حي إلى ميت..
هذه الشذرات للشاعر أحمد نصرة مختارة من ديوانه (مجازات الماء) الصادرة عن دار أرواد بطرطوس وهي المجموعة الرابعة بعد “توضأت بنبيذ”، “ويشبهني هذا الموت”، و “أنعم بالعمى”..
أحمد نصرة كان في ضيافة ثقافي بانياس مؤخراً بدعوة من (جمعية بانياس الثقافية) لمناقشة مجموعته الشعرية “مجازات الماء”.. الذي يقول في تصريح لـ “تشرين: “إن مجموعة “مجازات الماء” أتت تزامناً مع التردي، والانهيار المتسارع لمجموعة القيم والمفاهيم التي نشأ عليها جيلنا، والتي شكلت منظومة فكرية وأخلاقية قادرة على أن تكون رديفاً للظرف الموضوعي المتمثل في النزوع العالمي نحو التحرر والتقدم وبناء مجتمع العدالة والإنسان، وحاملاً نوعياً لحراكنا الاجتماعي والسياسي والثقافي. “..
ويضيف نصرة: حدث ذلك الانهيار على أعتاب انهيار ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي، وإعادة صياغة العالم وفق منظور القطب الواحد المتمثل في هيمنة رأس المال المالي وأدواته العسكرية منها والثقافية.. وأكد أن القارئ سيجد في المجموعة نزعة قد تكون صوفية بشكلٍ ما، هي محاولة خلق فضاء داخلي آمن، ويكون ملاذاً في وجه هذا الخراب الكوني المريع، وقد يختلف أحدهم في كونها خلاصاً فردياً غير معني بالشأن والهم العام، لكني، وفي هذه المرحلة الحرجة بالتحديد أشدد على أهمية الحصانة الفردية الشخصية كفعل أعتقد أنه ثوري وضروري إن كنا بصدد مراكمة تاريخية من نوع جديد كلياً لعالم أقل تلوثاً وتوحشاً.
وعن عنوان الديوان يقول نصرة: هو صرخة في وجه التيه، وضياع وضبابية المفاهيم هل هناك أوضح وأبسط من الماء؟ فلم المجاز إن كنا نمتلك الرؤية؟ وعن أهمية استضافة جمعية بانياس الثقافية لمناقشة ديوانه “مجازات الماء” أكد نصرة أن نشاط جمعية بانياس الثقافية جزء هام وضروري من نشاطات بقية الجمعيات والفعاليات الثقافية والاجتماعية المتواجدة على مساحة التراب الوطني، خاصة وأن الجمعية تعمل بآلية احترافية بعيدة عن الشخصنة والشللية وتضع في الحسبان واجب الإضاءة على كل ما هو مضيء وسط هذه العتمة إن كنا لا نستطيع ولا نريد حمل السلاح في وجه الآخر… فإننا نستطيع ويجب أن نحمل وردة وفكرة.. وهذا ما تعمل عليه الجمعية.. ولذلك أنا هنا.
الشاعرة والروائية لميس بلال أكدت أن نصرة يسافر في مجازات الماء عموديّاً نحو الأسفل، يغوص ويغوص، في أحزان البشر، في التجارب الإنسانيّة، ويختبر ويدفعنا بكلماته لاختبار تنويعات البؤس لنخرج كما دخلنا وننتهي كما بدأنا، أن مهمّة الأدب برأي بلال إضافة الجمال للواقع، وما يميّز الأديب أنّه يستطيع أن يستخرج جمالاً من هذا الواقع، جمالاً ليس بالضرورة أن يكون سعيداً، جمال حزين لكنّه غير مستغلقٍ على نفسه وعلى القارئ وعلى الكون، وترى بلال في مقطوعات نصرة نقلاً شبه تسجيلي للواقع، صورة فوتوغرافيّة لا تلعب حتى بإعدادات الإضاءة واللون.
بدورها بينت الشاعرة سميا صالح أن الشاعر أحمد نصرة تناول في مجموعته الحداثة، بما يخدم الشعر والأدب بأجناسه كافة، ولم لا فالعالم غادر مرحلة الكلاسيكية والرمزية والسوريالية واتجه الى تلك المتطلبات في عصرٍ سريع حتى في نقل المعلومات الكترونيا بدلاً من الطباعة والكتابة إذ يقول” :الحداثة.. أن تقول للقصيدة.. يا حبيبتي.. وتجيبك اللغة يا قاتلي.. مؤكدة أن الشعر موهبة وملكة وفطرة قبل كل شيء حتى تدخل مرحلة الصقل وبذل الجهود والاستمرار في النضال من أجل الشعر الذي يستمر مع المبدع في وطنه وغربته ومنفاه مثلما قال نصرة: الغربة تكرار اللون في الجسد.. إن وجهك نهر.. وهذا الماء زبد..
ويؤكد الشاعر علي سعادة أن اللغة الصوفية كانت سيدة قصائد أحمد نصرة من المصب إلى خاتمة الموانئ، مروراً بالحزن واختناق الدمع في العيون المتعبة، وكان الموت حاضراً قلما يغيب ليسمح بقليل من الفرح.. وترى الشاعرة نعمى سليمان أن نصرة شاعر لا ينفصل عن الطبيعة فهي الملهم وهي أم الجمال والدهشة، لافتةً إلى أن المجموعة هي مجازات الماء واختصار لمفهوم الحياة، وكانت المجازات ربما هي الأمل المخفي، هي الحياة وصرختها، مؤكدة أن نصرة يكتب ببساطة وشفافية مفرطة، فهو عفوي حد الدهشة، وفي كتاباته فلسفة حياة وعمق فكر، حمل في كتاباته تضاداً واضحاً تضاد الحياة والموت، الحزن والفرح، العطش والماء، الظلمة والنور، وكأنه يريد باستخدامه هذه الثنائيات أن يصل ضفة الفكر ويبني مملكته الخاصة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار