الصبر على الألم!
تفاقمت مع تبدلات سعر الصرف، أجور معاينات الأطباء مع تكاليف ما يطلبونه من ملحقات لتوجيه التشخيص مثل الصور الشعاعية والتحاليل والتخطيط وغير ذلك، حتى أصبحت مرهقة جداً وخارج قدرة البشر على احتمالها، وبات الصبر على الألم في مراهنة على الشفاء الذاتي سيد الموقف لدى أغلبية الفقراء.
وإذا كان لا بدّ من الدواء في بعض الحالات التي قد يتأخر شفاؤها ذاتياً، فإنّ خيار التوجه إلى الصيدليات مباشرة اتسع كثيراً حتى أصبح بمنزلة الظاهرة، حيث يطلب المرضى بأنفسهم أنواعاً محددة من الأدوية لعلاج حالات مرضية روتينية مثل الرشح والصداع والتهاب اللوزات والبلعوم والإسهال والإمساك وغيرها.
وبالنسبة للأطفال معروف أنّ الأمهات ممن لديهن أبناء عدة، ونتيجة تكرار الذهاب بهم مرات ومرات للأطباء على مدار سنوات عدة خلت، قد أصبحن بمهارة تمكنهن من مقاربة تشخيص حالة أطفالهن بأنفسهن ووصف الدواء لهم، وقد تتم الاستعانة بصديقة أو بالصيادلة للتأكد من صحة وصفاتهن.
لسنا بوارد تزكية أو نبذ حالة المعالجة الذاتية التي فرضتها الظروف المادية الصعبة على الناس، لكن وبما أنها باتت سائدة بمجتمعنا إلى حدّ الظاهرة، فإن ذلك يحتم ضرورة وجود الصيدلاني على رأس عمله، لكونه الأقدر على إرشاد المرضى إلى الدواء المناسب أو توجيههم لضرورة مراجعة الطبيب للمعاينة والتشخيص إذا ما استدعت حالتهم ذلك، توازياً مع العمل الجاد والمسؤول لإبعاد المتطفلين غير المؤهلين – وهم كثر- عن هذه المهنة.
في جميع الأحوال لا بدّ في الحالات المرضية النوعية المعنّدة على العلاج، تحييد الاجتهادات الشخصية وحتى إرشادات الصيادلة، وإذا كان الوضع المادي لا يسمح بتحمل تكاليف معاينة الأطباء ومتمماتها في القطاع الخاص، فلتكن الوجهة فعاليات القطاع العام الصحي أو مستوصفات الهلال الأحمر العربي السوري والجمعيات الأهلية، حسب ما يتوفر لدى كل منها من أطباء للمعاينة وتلقي الخدمات الطبية الأخرى المتممة مجاناً.