دورُ الفلسفة يزدادُ أهميةً في عصر العلم
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
على الأدباء تكييف أنفسهم مع العصر كي لا يتحملوا مسؤولية التناقض بين العلم والأدب، لأن هذا العصر يختلف عن بقية العصور الأخرى.
تعودنا في عصر العلم أن نتحدث عن أزمة الأدب، وأزمة الشعر، ولم يتحدث أحد عن أزمة الفلسفة، فهل العلم يهدد الأدب، ويتعارض مع الشعر الذي نعيشه اليوم في عصرنا هذا؟.
إن عصر القوة وغزو الفضاء يحجم دور الفلسفة في المستقبل، أو يلغيه، وهكذا نجد أن دور الفلسفة في العصر يتغير، فالتغيرات التكنولوجية والعلمية المتلاحقة تضع الإنسان في مواقف جديدة محيرة، وهو لا يستطيع أن يخرج من هذه الحيرة إلا بالتفكير الفلسفي، لذلك فقد ظهرت أبواب وفروع جديدة للفلسفة نتيجة هذه التطورات، وأصبحت لها أهمية كبرى، ويكفي أن نشير – مثلاً – إلى كل ما يُقال عن الثورة البيولوجية الجديدة والمشكلات الأخلاقية والفلسفية الهائلة التي أثارتها هذه الثورة، فبعض الحكومات تستعين الآن بلجان يرأسها فلاسفة من أجل اتخاذ قرار بشأن المضي قدماً في البحوث البيولوجية وإيقافها مثل بحوث الاستنساخ التي أثيرت بعد ولادة النعجة «دوللي» وغيرها، والخوف من أن يأتي يوم يستنسخ فيه الإنسان نفسه، فهذه المسألة أدت إلى الرجوع إلى الفلاسفة، وإلى علماء الاجتماع المتفلسفين، ووجدت الحكومات لزاماً عليها أن تخصص الاعتمادات اللازمة لاستكمال هذه البحوث، إذاً لا خوف على هذه الفلسفة من هذه التطورات الأخيرة.
وعلى العكس، فإن الفلسفة سوف تزدهر أكثر فأكثر في ظل الأوضاع الجديدة التي ينتجها العلم والتكنولوجيا، ونجد هنا أن العلم لا يهدد الأدب ولا يتعارض مع الشعر، إذا حدث وهدد أو تعارض العلم مع الأدب والشعر، فسيكون هذا خطأ الأدباء والشعراء، لأن عليهم أن يتكيفوا مع عصر العلم الجديد، وخير دليل أن أفلاطون كان على صواب عندما ربط بين حكم الفيلسوف وتحقيق العدالة في المجتمع.
أفلاطون كان يشير إلى حقيقة بسيطة، نستطيع أن نأخذ بها أو لا نأخذ، وهذه الحقيقة هي أن العقل مهم جداً في عملية الحكم، وأظن أن الكوارث التي تلم بنا من آن لآخر هي خير دليل يؤكد صحة هذا الحكم الذي أصدره أفلاطون منذ خمسة وثلاثين قرناً، كما نرى فلاسفة كباراً في العالم أعطوا أهمية كبيرة في عملية الحكم، ومنهم بعد الثورة الروسية 1917 كان «لينين» و«ستالين» و«أميرسون» وغيرهم، هؤلاء كانت لهم علاقة وثيقة بالفلسفة، وكانوا يؤمنون بأن الفلسفة يمكن أن تؤدي دوراً عظيماً تشد دعائم هذا المجتمع الجديد.
وأخيراً، فيما يتعلق بالجمالية والفلسفية نلاحظ أن المقصود بالجمالية هو ما يتعلق بفلسفة الفن أو علم الجمال، وهو أحد فروع الفلسفة، ومن دون شك يوجد تداخل بين الاثنين وهو له تأثير فلسفي على المجتمعات النامية.