وجهُ العالم بين مباضع التجميل.. رحلةٌ قصيرةٌ في مسيرة تطوّر البشريّة

تشرين – حنان علي:
بدءاً من اختراع العجلة والحرف الأول والمطبعة إلى اندلاع الثورة الصناعية والإنترنت؛ ثمة العديد من الأحداث والاختراعات غيّرت وجه العالم ضمن مراحل متتالية، ساهمت في تشكيل ما نحن عليه اليوم.. الاكتشافات العلمية والحركات الثقافية جنباً إلى جنب مع التطورات الاجتماعية في رحلة رائعة عبر التاريخ من المثير زيارتها من جديد!
تطوّرات ثقافية
لعبت التطورات الثقافية دوراً حاسماً في تشكيل المجتمعات والتأثير في طريقة عيشنا، منذ عصور التقدم الثقافي والفكري والعلمي في بلاد ما بين النهرين و بلاد الشام ومصر ، وما تركته من تأثير دائم على تاريخ الفن والعمارة والمعرفة في العالم، وصولاً إلى «العصرين الأموي والعباسي»، وما شهده العالم من ازدهار في المجالات الفكرية والعلمية والثقافية عبر مختلف المجالات، بما في ذلك الفلسفة والرياضيات وعلم الفلك والطب والأدب والهندسة المعمارية، ما أثر لاحقاً في عصر النهضة الأوروبية، وما حملته من أفكار تنويرية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر
في منتصف القرن العشرين، إذ ناضلت حركة الحقوق المدنية من أجل المساواة و تحقيق العدالة الاجتماعية للفئات المهمشة، في حين لعبت الحركة النسوية دوراً فعالاً في الدعوة إلى المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة.. لتندلع ثورة وسائل الإعلام مع ظهور التلفزيون والإنترنت .
تطوّرات اجتماعية
تطورات مذهلة شهدتها المجتمعات الحضرية في بلاد ما بين النهرين وما ابتكرته من تقنيات متطورة في الزراعة محدثة ثورة في النقل عبر اختراع العجلة.. مساهمات شكلت مسار التاريخ البشري عبر الكتابة والأدب والموسيقا والقانون والرياضيات وعلم الفلك، حالها حال دول المدن في بلاد الشام التي احتلت مراكز سياسية واقتصادية على مفترق طرق الحضارات المختلفة.. وجاء التبادل الثقافي الثري الذي أثر في الفن والعمارة والدين واللغة في المنطقة، كما طور قدماء السوريين أنظمة قانونية تحكم مجتمعاتهم، بما في ذلك التجارة وحقوق الملكية والعدالة الجنائية.
ومن ثمّ التسلسل الهرمي الاجتماعي وتطوير البنية التحتية للمجتمع المصري القديم الذي وفر الاستقرار والتنظيم، في حين احتلت المرأة مكانة عالية نسبياً، هذا إضافة إلى النظام الديني المعقد الذي لعب دوراً مركزياً في مجتمعهم.
ومن ثم جاء إلغاء الرق، وحق الاقتراع العام وتوسيع نطاق المشاركة الديمقراطية وحركات الحقوق المدنية وإصلاح التعليم في العصر الحديث.. حركات شكلت تطورات اجتماعية في وجه الظلم، مناضلة من أجل المساواة، ومهدت الطريق لتغييرات إيجابية تساهم في عالم أكثر إنصافاً وانسجاماً.
اكتشافات علمية
أحدثت الاكتشافات العلمية ثورة في فهمنا للعالم، وقادت التقدم في مختلف المجالات؛ كان ما طوره عالم الرياضيات الفارسي الخوارزمي من المبادئ الأساسية للجبر، وما قدمه علماء الفلك من أمثال البتاني وابن يونس من تطوير للمنهج العلمي.. بدورها الموسوعة الطبية المؤثرة «قانون الطب» لابن سينا ما زالت الكتاب الطبي القياسيّ في الجامعات الأوروبية عدة قرون.. إضافة للمساهمات العظيمة لابن الهيثم في علم البصريات ودراسة الضوء، هذا إضافة إلى براعة الابتكارات المعمارية والهندسية.. و ما وهبه المهندسون للعالم من تقنيات هندسية متقدمة وتصميمات معقدة.
وفي العصر الحديث أحدثت نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين ثورة في فهمنا للجاذبية وطبيعة المكان والزمان ضمن إطار جديد لفهم الكون والفيزياء الفلكية وعلم الكونيات الحديثين. أما اكتشاف البنسلين من قبل ألكسندر فليمنج كأول مضاد حيوي فقد مهد الطريق لتطوير الأدوية المنقذة للحياة، بينما أتى اكتشاف البنية الحلزونية المزدوجة للحمض النووي من قبل جيمس واتسون وفرانسيس كريك بإنجاز رائد في علم الوراثة، وفي أوائل القرن العشرين أشعل تطور ميكانيكا الكم ثورة في فهمنا لسلوك المادة والطاقة على المستوى الذري ودون الذري.
الإنترنت
وما برح الإنترنت كأحد أكثر الاختراعات التي غيّرت وجه العالم، بدءاً من الوصول إلى المعلومات واستكشاف ثقافات مختلفة، واكتساب وجهات نظر جديدة وكسر الحواجز الجغرافية وتعزيز التبادل الثقافي، مروراً بالتمكين والتعليم لسد الفجوات في المعرفة، وصولاً للتجارة الإلكترونية وريادة الأعمال والوصول إلى السوق العالمية، كما لعبت منصات التواصل الاجتماعي والمجتمعات عبر الإنترنت دوراً مهماً في تعبئة الحركات الاجتماعية وزيادة الوعي وتوفير منابر للأصوات المهمشة.
تغيرات خطرة

وما انفكّ التدفق الهائل للبيانات يجعل من الصعب تمييز المعلومات الدقيقة والموثوقة، ويكون سبباً للتضليل وإشاعة الأخبار الكاذبة والخطرة، كما أثار العصر الرقمي مخاوف بشأن الخصوصية وأمن البيانات وسرقة الهوية والمراقبة، إضافة إلى الفجوة الرقمية بين الشعوب. أما التطورات التكنولوجية فتسببت في تعطيل الصناعات التقليدية وتغييرات في أنماط التوظيف ومتطلبات المهارات، والحفاظ على التراث العميق في مواجهة مع وجه العالم الجديد الذي يتطلب جهداً جماعياً لرعاية جذورنا الثقافية والاعتزاز بها عبر الحفاظ على مشاركة الحكايات والأساطير والفولكلور من خلال التقاليد الشفوية، ومن ثم اللجوء إلى التوثيق والأرشفة جنباً إلى جنب مع الاستمرار في ممارسة التقاليد والمهرجانات الثقافية وإعداد الأطباق التقليدية، والمشاركة في الطقوس التي توارثتها الأجيال.. كما لا بد من الحرص على التربية الثقافية للأجيال الشابة و تعريفهم بتراثهم ودمج عناصر من الموسيقا أو الرقص أو اللغة أو الحرف التقليدية في خبراتهم التعليمية، وحضّهم على المشاركة في الفعاليات أو ورش العمل أو الأنشطة التطوعية التي تحتفي بالتقاليد الثقافية، وتحافظ عليها .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟