التكامل بين الرجل والمرأة يبدأ بكلمة الحب
تشرين – د. رحيم هادي الشمخي:
بدأ الله سبحانه وتعالى الخلق بخلق حواء من آدم باقتطاع جزء من جسده، وهذا ترتب عليه إنقاص من الرجل، ولأن حواء مخلوقة من جزء من الرجل فهي أيضاً منقوصة، وهذا النقصان في كلا الطرفين ليس نقصاناً جسدياً فقط، وإنما نقصان نفسي واجتماعي، والحكمة من ذلك أن يعمر الكون بوجود الرجل والمرأة معاً، فلا يمكن للرجل أن يعيش ويعمر وتستمر الحياة إلّا بوجود امرأة بجواره، ولا يمكن للمرأة أن تعيش وتعمر وتستمر الحياة بمفردها، ولكن بوجود الرجل بجوارها.
ذلك لأن الحكمة الإلهية تقتضي أن يوجد هذا الجزء في الرجل والمرأة، ويوجد هذا الجزء المنقوص سواء في الرجل أو في المرأة، وتبدأ الحياة – كما يقولون- بالحب، بالمعنى الكامل للكلمة، أي من دون الحب لا يوجد ارتباط أو ودّ، ومن دون الحب لا يمكن الإنجاب حتى ولو كان الحب لحظياً ومؤقتاً، فالحياة تبدأ دائماً بالحب بين الطرفين المنقوصين الرجل والمرأة، فمنذ بدء الخليقة يحاول الرجل التقرّب من المرأة لتعويض هذا النقص واكتمال مسيرة الحياة بالزواج، والمحصلة تكامل بين إنسانين منقوصين لعمل وحدة واحدة متكاملة لاستمرار الحياة وعمارة الكون، ويخطئ خطأً كبيراً من يعدّ أن هذا النقص ضعف، سواء في المرأة أو في الرجل، فهذا النقص ليس بضعف، ولكنه من حكمة الخالق سبحانه وتعالى، والتشدّق بأن المرأة مخلوق ضعيف هو أكذوبة كبرى لأنها شخص منقوص تماماً مثل نقصان الرجل وليست بضعيفة، ولتسير الحياة الزوجية أو العاطفية مسارها الطبيعي يجب أن يفهم كلا الطرفين أن هناك نقصاً في كلٍّ منهما، وهذا النقص يحتاج إلى استكمال من الطرف الآخر بغض النظر عن وظيفة ومقومات الرجل أو مقومات المرأة.
أما العلاقة بين الرجل والمرأة فتقوم على التكامل والتوحد وليست على الندية والمساواة لأن كل طرف يكمل الآخر، أما إذا طلب الرجل مساواته مع زوجته في البيت، أو العكس، إن طلبت المرأة المساواة بزوجها، فيبدأ من هنا فشل الحياة الزوجية لأن الحكمة الإلهية، اقتضت أن يتكامل الرجل والمرأة ويحصل الرجل على احتياجاته من زوجته، وكذلك وجود الرجل إلى جوار زوجته يعطيها الإحساس بالأمان والألفة والاستقرار، ولو نظرنا إلى نسبة المشاكل الاجتماعية والاضطرابات النفسية لوجدنا أن الأشخاص غير المتزوجين أو الأرامل أو المطلقات هم الأكثر تعرضاً لهذه الاضطرابات، ورغم أن السيدات هن الأكثر من الرجال مطالبة بالطلاق، لتفتّت هذا التوحد والتكامل فعند حدوثه مهما كانت أسبابه فإنّ السيدات عادة يبدأن الإحساس بالوحدة الشديدة والانتقاص وعدم التكامل من الناحية النفسية أو الاجتماعية.
لذا فإنّ تعدد الزواج وخاصة من دون أن يكون هناك سبب حقيقي أو قهري مثل زواج الأرامل أو المطلقات أو سبب عدم الإنجاب، وما هو خارج هذه المبررات القوية، ما هو إلّا لإشباع الرغبات، وليس له علاقة بالتكامل النفسي المفترض أن يكون في ارتباط واحد أو في ارتباط آخر على الأكثر.