قرى سورية.. تجمع تاريخ البشرية
تشرين- رصد:
تعد سورية أحد أقدم مواطن الإعمار البشرية حيث أقام الإنسان تجمعاته فيها منذ أواسط العصر البرونزي لوجود المياه الكثيرة، ولمّا كانت الزراعة أساس النشاط البشري فيها فقد وفر لها هذا معظم مقومات النجاح. “عندما نكون في سورية نجد أنفسنا نمتزج مع التاريخ ذاته، فكل ذرة من ترابها هي حرف مضيء في سِفر الإنسانية الخالد”: هذا ما قاله رئيس البعثة الأثرية الأمريكية التي عملت في الكشف عن مملكة خانا في منطقة قرب التقاء نهر الفرات و نهر الخابور. ويمكن القول إن التاريخ الغني الذي شهدته سورية جعل منها موطناً لكثير من الثقافات والحضارات، فكانت وريثة ومسؤولة عن هذا التاريخ السحيق.
كانت أرض سورية مملكة (خانا) القديمة التي ازدهرت في الألف الثانية ق.م. قرب التقاء نهري الفرات و الخابور، حيث بدأت الزراعة منذ أكثر من عشرة آلاف عام. واكتشف النحاس وابتدع خلطة البرونز في تل حلف على ضفاف نهر الخابور منذ الألف الثالثة ق.م. ففي مملكة ماري (تل الحريري) على الفرات كانت قصور ورسوم، وشهد ازدهاراً ثقافياً و تجارياً. وفي مملكة أوغاريت (رأس الشمرة) على الساحل السوري قدمت للإنسانية ابتكارها الأبجدية الأولى في العالم. أما في مملكة إبلا (تل مرديخ) فقد اكتشف في قصرها الملكي أروع وأضخم مكتبة وثائقية تنظم أمور الإدارة والتجارة والدبلوماسية و الصناعة وعلاقات الحرب والسلم مع الأقطار الأخرى. أهل الممالك السورية كانوا يعرفون بالعموريين (الألف الثالثة قبل الميلاد) وبالكنعانيين والفينيقيين (سكان الساحل) وبالآراميين (سكان المناطق العلياوالجنوب) والأنباط (بعض من سكان الجنوب).. تعرضت سورية لغزوات الحثيين والفرس واليونان و الرومان، ومن ثم الفتح العربي الاسلامي عام 636م. وعبر أراضيها كان يمر طريق الحرير القادم من الصين وكانت محطته السورية الأولى دورا أوروبوس (الصالحية) ثم تدمر و حمص إلى أن يصل إلى مرافيء البحر الأبيض المتوسط.
يعدّ علماء الآثار سورية مركزاً لإحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض. فالمدينة الأثرية إيبلا في شمال سورية بنت امبراطورية امتدت من البحر الأمر جنوباً حتى تركيا شمالاً و حتى الفرات شرقاً مستمرة من عام 2500 إلى 2400 قبل الميلاد . تضم سورية إضافة لذلك العديد من الحضارات و المدن البائدة مثل مملكة ماري ، أوغاريت، دورا أوروبوس.
عاصمة سورية الأزلية هي دمشق التي يعرف بأنها مأهولة منذ 8,000 إلى 10,000 عام قبل الميلاد وبهذا تكون أقدم عاصمة مأهولة بالسكان باستمرار في العالم, أصبحت دمشق بعد الفتوحات الإسلامية في عام 636 للميلاد، في أوج ازدهارها بعد أن أصبحت عاصمة للأمويين وامبراطوريتهم التي امتدت من إسبانيا إلى حدود الصين في الفترة من 661 إلى 750 للميلاد .