التاريخ على المائدة!

‏(تذوق التاريخ) كتاب جديد للكاتب الأمريكي ماكس ميللر، حيث يقدم للقارئ التاريخ على مائدة، بإعداد طبخة يقوم بتحضيرها وفقاً لما جاء وصفه في الوثائق التاريخية، أو من بين أحداث الروايات، أو من بين سطور الأشعار، أو مما يعرض في اللوحات والأخبار. وهكذا يقوم الكاتب بتعليمنا تحضير الطبخة كما كانت تعد في زمانها التاريخي مع تحديث الوصفة لتناسب المطابخ الحديثة.. وعبر كل طبخة يروي ميللر أخباراً وقصصاً من مرحلتها وأجواء زمانها، وتنقّل المؤلف عبر 4000 سنة من التاريخ من روما القديمة إلى الصين إلى أوروبا في العصور الوسطى وما وراءها.. إنه التاريخ عبر الأكل والطبخ والثقافة.
قصة هذا الكتاب مثال على تحويل أي أزمة إلى فرصة، حيث إن ماكس ميللر في زمن كورونا، وفي حالة الحجر الصحي قام أثناء البقاء في البيت بإطلاق قناة «يوتيوب» سماها ( تذوق التاريخ مع ماكس ميللر)، وهكذا سافر وهو في بيته وأخذ معه متابعي قناته في رحلته الخاصة مع الطعام عبر التاريخ، وأحدثت القناة ضجة كبيرة ومتابعة واسعة من عشاق الطعام وهواة التاريخ على حدٍّ سواء. ومع الأمانة بإعادة إحياء أطباق كما صنعت في زمانها، هناك ولوج إلى زمن هذا الطبق وثقافته وبذلك نلج إلى كل زمن عبر طبق أساسي فيه وطبخة معتمدة من أهلها. وبالتنقل من مرحلة إلى أخرى ومن زمن إلى زمن كان ميللر ينقل متابعيه من طبق إلى طبق ومن مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى.. إنه الأكل والطبخ، والتاريخ والثقافة.. هل هناك من أساسيات للإنسان أكثر من الطعام و صنع التاريخ ؟ كل ذلك قاد ميللر لتحويل ما قدمه في زمن حجر كورونا عن الطعام والتاريخ إلى كتاب سماه (تذوق التاريخ).
فكرة الكتاب تعيد تذكيرنا بأن الطعام نوعيته ومواده وطريقة تحضيره ووسائل تحضيره تدلنا على نوعية الحياة وطبيعة الثقافة التي كانت في بيئة هذا الطعام وزمنه، كما اليوم يدل على نوعية ومستوى عيشنا.. نوعية التعديلات التي ندخلها على طبخاتنا نتيجة أوضاعنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويبدو أن شعبنا استطاع التكيف مع الظروف الاقتصادية المتقلبة سواء نتيجة الحروب أم الاستعمار أو الحصار أو العقوبات، ويتجلى هذا التكيف في الطبخات التي في حالة الضائقة تستبعد منها المواد الغالية اللحم والسمك و.. إلخ. ومن يدقق في أكلات التكيف السوري يلاحظ عبقرية تستحق أن يقوم أحد باكتشاف تفاصيلها وتوثيقها، وإيضاح التاريخ وفقها، واكتشاف عبقرية إنساننا في تجاوز الصعوبات والتكيف، أو تكييف الطعام وفق الإمكانات المتاحة، ربما هذا من بين ما ساهم في إبقاء سورية أقدم وطن مأهول بالتكيف لهزيمة الصعوبات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ اللجنة القضائية العليا للانتخابات تعلن في مؤتمر صحفي نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية لتاريخه.. بعض الفلاحين لم يقبضوا ثمن محصول القمح في منطقة الغاب!.. والمصرف يبيّن: الفلاحون يأملون إعفاءهم من ديونهم السابقة المنازل الخشبية " تريند" فيسبوكي يبحث عن بوّابة للنفاذ إلى البيئة السورية..حلّ رشيق لأزمة السكن بانتظار الدراسة الجادّة رغم أن الموسم ليس معاوماً .. "زراعة اللاذقية" تقدّر إنتاج الزيتون بنحو 48 ألف طن