قبل سنوات الحرب الكونية والحصار الاقتصادي الظالم على بلدنا، شهدت الحالة الاقتصادية والمعيشية انفراجات إيجابية، فرضت نفسها وبقوة على كل مجالات الحياة، وخاصة معيشة المواطن اليومية، وتحسين قدرته الشرائية وما رافقها من مصادر قوة إنتاجية وخدمية تعزز من مكانتها، والأهم ديمومة تحسين هذه المصادر، لكن لظروف الحرب وما خسرناه فيها من بنى تحتية واقتصادية تراجعت الديمومة ومصادر القوة الشرائية إلى حدود بتنا نحلم فيها بكل شيء يذكرنا بتلك الأيام، وحتى معيشة الأمس وما قبلها..!
وحتى نعود إليها ونعيد بناء الحالة الاقتصادية القادرة على مواجهة التحديات ” الداخلية والخارجية” لا بدّ من وجود قوة إنتاجية قوامها قطاعا “الزراعة والصناعة” متطورة ومنافسة لمثيلاتها في الأسواق المحلية والخارجية، وهذا يتحقق من خلال خفض تكلفة الخدمات، وإزالة المعوقات الإدارية والاختناقات الموجودة في البنى الأساسية والخدمية، التي تؤمن اتباع سياسات داخلية تتطلب مبادرات جديدة في اتجاه تطوير القطاع الإنتاجي، وتأهيله من أجل مواكبة الجديد في هذا المجال، وهذا لن يتم إلّا من خلال بيئة مناسبة تسمح بمرونة تطوير الأنظمة والتشريعات القانونية، وتطوير النظام المالي والمصرفي والضريبي، وخفض الضرائب حتى تقترب من المعدلات التي تكفل للمنتج الوصول لمستويات المنافسة العالمية، وتحسين البنية التحتية المؤسساتية والتركيز على التنمية البشرية وتحرير الخدمات، وسوق العمل والاستمرار في سياسة تطوير وتحرير التجارة الخارجية، والأهم إعداد جيل صناعي متخصص وكوادر مؤهلة مهنياً في كل مجالات الإصلاح والصيانة والتشغيل والتكنولوجيا وتقنيات الإنتاج، وإطلاق العنان لقوى الإنتاج لتأخذ دورها في الحياة الاقتصادية من خلال فسح المجال للترخيص لكل الأنظمة الصناعية التي كان الترخيص بها حكراً للقطاع العام…
ناهيك بالإجراءات الإدارية التي تقتضي بالضرورة اختصار الحلقات الإدارية، وتبسيط الإجراءات والحد من مركزية الإدارة، ونقل بعض الصلاحيات المتعلقة بالإدارة المركزية إلى المؤسسات والشركات وغيرها، عند ذلك نستطيع أن نحقق المطلوب على صعيد قوة الإنتاج وتحسين ظروف المعيشة التي تشكل “الغاية والهدف” إلى جانب تحقيق تكاملية القطاع الزراعي والصناعي والتي تشكل أهم خطوات النهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار, وعودة الظهور اللائق لتجارة الأمس التي باتت حلمنا وخاصة الخارجية منها، ومنتجاتنا التي كانت تغزو أسواق مئات الدول, وتحقيق حلمنا أيضاً في استكمال خطوات العودة إلى اقتصاد ما قبل الأزمة وهذا لن يتم إلّا بالمرور بقطاع التجارة الذي يعدّ العصب المحرك والفعال للاقتصاد الوطني، لذلك لا بدّ من إعادة النظر بأحكام وأنظمة وقوانين التجارة وتبسيطها بصورة تضمن حرية حركة الاستيراد والتصدير، وخاصة ما يتعلق بقضايا الرسوم الجمركية، من دون أن ننسى تفعيل مراكز التجارة الخارجية في مجال التسويق والترويج للمنتجات السورية وتحسين بيئة العمل المصرفي، والأهم العلاقات مع الدول وتطويرها بصورة تسمح بعقد المزيد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية وخاصة الدول الصديقة، بهدف تطوير حجم التبادل التجاري وزيادة آفاق التعاون الاقتصادي والفني والاستثماري معها وغير ذلك من تعاون مثمر..
بهذه الصورة يكتمل حلمنا بتجارة الأمس، ومعيشة الأمس وقبلها مواطن الأمس..!
فهل يطول تنفيذ ما نحلم به ..؟ الجواب عند قادمات الأيام القريبة..!
سامي عيسى
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات