ما يحدث في أسواقنا المحلية من ارتفاعات سعرية على مدار الساعة, لا بل في قليل دقائقها، يثير الكثير من الاستغراب والحيرة، ليس على صعيد المواطن فحسب، بل على صعيد أهل المسؤولية والمحاسبة, وقبلها أهل القرار ..!
لكن لكل جهة لها حساباتها في قضية الاستغراب والدهشة لما يحدث من فلتان سعري, وتعدد أسعار السلعة الواحدة في المكان نفسه، علماً أنها تحمل المواصفة نفسها والجودة وحتى التكلفة, إلّا أنّ أهل الفعل من التجار لا يشبعون أبداً, وجشعهم أصبح أمراً لا يطاق، وتمردهم حكاية يرددها لسان كل مواطن.. !
الأمر الذي يحتّم تدخلاً نوعياً وجادّاً مقروناً بإجراءات أكثر فاعلية على أرض الواقع, وتحمل المسؤوليات، وقبلها تحديد الأولويات في الرقابة والمحاسبة على الفعل، إلى جانب تدخل فوري يرعاه أهل الحماية، ومساندة من الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والأهلية، في مقدمتها وزارة التجارة الداخلية وفريق حمايتها، علماً أنها لم تدخر جهداً خلال المراحل السابقة لمطالبة الفعاليات الاقتصادية والتجارية بضرورة التعاون مع رقابتها بالمحافظات من أجل حماية السوق المحلية، وتحصينها من جشع التجار، إلّا أن هذا التعاون مازال في الحدود الدنيا، بدليل ما يحدث في أسواقنا من معالجات، واختلاف في التعاطي مع الفعاليات الاقتصادية، التي مازالت تتربص في السوق غير آبهة لما يحدث من خلل وعدم استقرار في الأسعار، وإيجاد فجوة كبيرة بين ما هو مطلوب على أرض الواقع، وما هو متوافر من إمكانات تسمح بتحقيق حالة التوازن والاستقرار النوعي الذي يؤمن الحماية المطلوبة والثقة بالإجراءات الحكومية ..!
وبالتالي تكرار مطالبات “حماية المستهلك” التجار عن طريق غرف التجارة والصناعيين عبر غرفهم للتعاون وتكريس حالة الضبط ، ما هو إلّا تأكيد واضح على نيّة الوزارة الفعلية في معالجة ما يحصل في الأسواق من مخالفات، ومشاركتها في المعالجة و تحمل المسؤوليات، وذلك من خلال إلزام الفعاليات التجارية والصناعية بضبط عناصر التكلفة وتداول الفواتير النظامية وليس “المزورة” بين حلقات الوساطة التجارية، وتنفيذ ذلك على أرض الواقع يجعل من هذا الإجراء حالة أخلاقية وإنسانية تلتزم فيها كلّ حلقات الوساطة من جهة، وأهل الرقابة من جهة أخرى, وانعكاس ذلك على حالة الاستقرار التي يتوافر فيها كل عناصر الاستقرار من مواد وسلع وأسعار تتماشى مع الواقع كما هو، وليس مع واقع يفرض حالات الغش والاحتكار من قبل ضعاف النفوس من معشر التجار ومن لفَّ لفيفهم من أهل الخبرة والدراية في ثغرات القانون والرقابة والحماية..!
لكن السؤال الذي يراود ذهن كل مواطن في هذه الظروف الصعبة، هل تكفي المطالبات وحالات استجداء التجار من أجل العون والمساعدة في تأمين حالة الاستقرار للسوق وتحقيق التوازن المطلوب لها بما يحقق مصلحة الجميع..؟
أنا ليس لدي إجابة واضحة, وإنما أستطيع القول إننا أمام مرحلة جديدة مثقلة بتبعات الماضي السلبية، تحتاج آلية جديدة تحاكي مفردات الواقع كما هي، وتترجم الصرخات والإجراءات إلى أفعال، نتائجها تحكيها قادمات الأيام على لسان المواطن لأنه الغاية والهدف من كل ذلك، فهل سنشهد حالة من الرضا للمواطن، واستقراراً نوعياً للأسواق يلبي طموح الجميع، أم يبقى الحال حالاً, والنصب نصباً، والمرفوع مرفوعاً, والمظلوم المواطنَ والشرفاءَ، ويبقى تحسين الحال من المحال ..!؟
Issa.samy68@gmail.com