أسواق منفلتة
لم توفق في اختيار اللباس لأطفالها الثلاثة بالرغم من أنها جابت على كل الأسواق، ليس لعدم وجود ما يناسبهم من حيث النوع والجودة بل لأسعارها الملتهبة التي تتطلب- للأنواع المتوسطة الجودة- حوالى مليون ليرة للأبناء الثلاثة.
لكنّ الرحال حطَّ بأم هاني أخيراً عند البسطات .. صحيح أن ملبوساتها من الأصناف الشعبية جداً التي لا تخدم طويلاً وليست بالجودة والموديلات التي تنعش فرحة الأطفال بحلول العيد كما يجب، لكنها مقبولة من باب الرمد ولا العمى.
أكثر ما يجعل الأسواق موحشة في وجه أم هاني وغيرها، هو الأسعار المهولة بشكل عام والتفاوت الكبير فيما بينها بشكل خاص، فهي لقطعة اللباس ذاتها بفارق كبير من محل لآخر أو سوق وآخر والذي يصل حدّ الضعف أحياناً، وهذا لا ينمُّ إلّا عن جشع واستغلال كبيرين قُبيل العيد من ضعاف النفوس الذين لا همّ لهم سوى الربح الفاحش في هذا الموسم غير آبهين بالظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها البشر.
إنّ ذلك لا شك يؤشر إلى لا مبالاة مطلقة بدور الجهات المعنية بالرقابة على الأسواق، والذي يكاد لا يكون له أي أثر إيجابي تجاه قمع مثل تلك المخالفات، ولا أحد يعلم كيف يتجرأ أولئك التجار إلى هذا الحدّ، فهل يعود السبب للظروف السائدة أو لخلفيات مشبوهة؟
لا يقف الأمر عند ألبسة العيد، بل يتخطاه إلى حلوياته بمختلف أنواعها وأصنافها، فهي أيضاً بأسعار ملتهبة جداً ومتفاوتة إلى حدٍّ كبير، وعلى ما يبدو أن الأسرّ الفقيرة لن تتذوق أيّاً منها وستكتفي بما تيسر مما تحضره في المنزل من قبيل المعمول وغيره.
المأمول إزاء ما يحدث من فلتان وفوضى عارمة في الأسواق، تفعيل دور الأجهزة الرقابية لضبط وردع حالات الجشع والاستغلال الحاصلة، بعد تدعيم كوادرها التي تراجعت بشكل حادّ خلال سنوات الحرب، ولا ضير بمؤازرتها من الجهات المختصة في بعض المناطق حتى تتمكن من ممارسة دورها الرقابي الرادع، وذلك إسهاماً بحماية المستهلك الذي لم يعد يحتمل مزيداً من ضربات الأسعار الموجعة.