العاصفة الاقتصادية الذكية
يحار الفهم في أمر التطور التكنولوجي هذا الذي يطلق عليه الذكاء الاصطناعي فما كان يعدّ ضرباً من الخيال قبل عقود بات أمراً واقعاً يشهده الناس بأم أعينهم .. وبات الاقتصاد الرقمي يلقي بظلال واسعة على مفاهيم كانت تعد أساسية وكلاسيكية، وأكثر من ذلك باتت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقوم بعمليات انزياح واسعة للكثير من الأعمال والمهن التقليدية وفي مقدمتها الإعلام، ما يجعل الحديث عن أهمية مواكبة هذا التطور بتشريعات اقتصادية جديدة أمراً ضرورياً ومستعجلاً لتفسير الواقع الجديد وعلاقاته المتشابكة.
ولعلّ من يسأل أين المواطن السوري من هذه التحولات ؟ وفي الواقع لا يخفى أن الاقتصاديات النامية بشكل عام كان لديها تخوف من التعامل المالي عبر الإنترنت في عمليات البيع والشراء، لكن في سورية وعلى مدار عدة أعوام تم كسر هذه الحواجز للانتقال تدريجياً إلى الرقمنة في المعاملات المصرفة والتأمينية وحتى الحكومية عبر استخدام التطبيقات الذكية في تنظيم الحصول على الخدمات المالية والحكومية وغير الحكومية.
الأمر الذي يشكل تحدياً وعائقاً أن عدونا يحجب عنا كل الطرق التي يمكن أن يتمتع فيها المواطن بالتكنولوجيا العالمية، وخاصة أن قانون قيصر ألقى بظلاله على سوق التكنولوجيا المحلي، إلّا أن المبادرات الحكومية والخاصة نجحت في تحقيق انطلاقة تمثلت بوجود شركات سورية تقدم تكنولوجيا عالمية حديثة للمواطن رغم الحصار والضغط الاقتصادي .
يمكن القول إنّ التحول الرقمي كان بمنزلة العاصفة التي قلبت المشهد في الكثير من القطاعات وصار المشهد مختلفاً تماماً عما شهدناه من قبل، وأحياناً بات يهدد نظرية المنافسة، فرغم أن التقنية الحديثة التي تقدمها شركات التكنولوجيا العملاقة تقودنا نحو مزايا كبيرة لم تكن متحققة من قبل، لكنها في مقابل ذلك نجدها تحد من المنافسة التي هي الضمانة الأساسية في كفاءة استخدام الموارد، ما يجعلنا في قلق بشأن استمرار سيطرة وهيمنة هذه الشركات العملاقة التي تستحوذ على شبكات النت وأجهزة الاتصالات والحواسيب والبرمجيات وغير ذلك ، وبالتالي ما قد تفعله فيما لو تمت لها السيطرة الكاملة على الأسواق.
أما عاصفة التحولات فلم يعد من الممكن التراجع أو الانعزال عنها وإنما التحدي في المزيد من التحولات الرقمية في الاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات.. ولاسيما أنه كلما كانت المعلومة متوافرة لصاحب القرار ، كان قادراً على اتخاذ القرار المناسب، ولاشك في أن ظروف الحرب والحصار أخّرتنا في هذا المجال بعد أن كنا قطعنا خطوات قبل الحرب وتم تنفيذ بنية تحتية منافسة .
ويبقى السير نحو التحول الرقمي بحاجة إلى مزيد من الوقت في سورية، بسبب الحصار الاقتصادي الذي يقلص حجم الموارد والخبرات القادمة من الخارج، ولعلّ من اللافت أن هناك شركات سورية بدأت بالتوجه نحو الاقتصاد الرقمي ولاسيما في مجال الاتصالات والدفع الإلكتروني وإيجاد حلول الطاقة البديلة التي تدعم عملية التطور التقني والتكنولوجي في سورية.
ونعتقد أن تمكين التكنولوجيا وتطويعها لخدمة المواطن في مختلف مجالات الحياة خاصة الاقتصادية منها، يشكل منصة جديدة لتجمع شركات الاتصالات والبرمجة والخدمات الإلكترونية. ويعبّر عن التزامها بدعم المجتمع ومساهمتها في مختلف النشاطات الاجتماعية وتقديم أفضل خدمات تكنولوجيا الاتصالات كخدمة الدفع الإلكتروني التي تمكن المواطن من دفع وتحويل الأموال إلكترونياً بطريقة آمنة وسريعة وسهلة، إضافة إلى ميزة دفع الفواتير والرسوم إلكترونياً وذلك من خلال إنشاء حساب لهذه المعاملات، ولكون هذه الخدمات متاحة لجميع المواطنين، ما يشكل مواكبة مهمة للتطور التكنولوجي العالمي.