نظرة نسر محلّق
ماذا تفعل إذا قيل لك: إن النهاية قاب قوسين أو أدنى؟
يقول الشاعر وهو يمتطي يومه.. لن أحتاج إلى مهلة للرد، إذا غلبني الوَسَنُ نمتُ.. وإذا كنت ظمآناً شربتُ.. وإذا كنتُ أكتب، فقد يعجبني ما أكتب وأتجاهل السؤال.. وإذا كنت أتناول طعام الغداء، أضفت إلى طبق الأرز قليلاً من الملح و الفلفل.. و إذا كنت أقرأ قفزت عن بعض الصفحات.. وإذا كنت أقشِّر البصل ذرفت بعض الدموع.. وإذا كنت أمشي واصلت المشي بإيقاع أبطأ.. وإذا كنت موجوداً، كما أنا الآن، فلن أفكِّر بالعدم.. وإذا لم أكن موجوداً، فلن يعنيني الأمر.. وإذا كنت أستمع إلى موسيقا موزارت، اقتربتُ من حيِّز الملائكة.. وإذا كنتُ نائماً بقيت نائماً وحالماً وهائماً بالغاردينيا.. وإذا كنتُ أضحك، اختصرتُ ضحكتي إلى النصف احتراماً للخبر.. فماذا بوسعي أن أفعل؟ ماذا بوسعي أن أفعل غير ذلك، حتى لو كنتُ أشجَعَ من أحمقٍ، وأقوى من هرقل؟
وهكذا يرى البعض أن حياة الإنسان الثانية تبدأ عندما يكتشف أنه يعيش حياة واحدة، أي إن الروتين اليومي يفقد الإنسان الشعور بجمال الحياة من حوله وأحياناً لابد من كسر هذا الروتين والعودة إلى الأحلام القديمة واستقراء ما يسعدنا في تحقيقها والخروج من النمطية في العلاقات مع العائلة والأصدقاء واكتشاف الحياة من جديد.
رغم أن مصطلح السياسة عند الأغلبية تشوبه الكثير من الرزايا والبلايا لما يحمله من معاني الفتن والدسائس والتآمر على الشعوب ويكاد يكون لدى البعض الآخر كمصطلح الحرب لا يحمل إلا معاني الخراب والدمار وقتل الأبرياء.. لكن المصطلح بمعناه البعيد عن السياسة أمر لابد منه في حياة كل البشر.. فلا بد من وضع سياسة بالمعنى النظيف لكل شيء في الحياة، وهنا يقترب معنى السياسة من معاني التخطيط والرؤية المستقبلية والإدارة وأول شيء يحتاج المرء تسييس أمور حياته أي إدارتها بدءاً من إدارة الذات أو النفس، فالإنسان غالباً يميل إلى الكسل والفوضى والتراخي ما يجعله غير قادر على الإنجاز، ولاشك بأن مراقبة هذا الكون الجميل الدقيق تعلمنا أن النظام والتنظيم هما الأصل في تحقيق أي تقدم أو نجاح.
وإن كانت المصطلحات النظرية سهلة فإن تطبيقها على الواقع شيء آخر وهو أمر صعب ويحتاج الى مران إلى حد ما لأن الإنسان مرتبط بأولويات العيش التي لم تختلف منذ وجود الإنسان القديم ومنذ بدأت الحياة على الأرض فقد بقينا نتوارث الحاجات إلى الأمان والمسكن والمأكل والعائلة، وكلما تطورت احتياجات الإنسان ازداد إبداعه وهوسه بتحقيق المزيد من الرفاهية.
اليوم ربما بسبب الإفراط في المادية يشعر الإنسان بأنه يكرر نفسه كل صباح من دون أي جديد وهو مضطر لسماع ما يسعده وما يتعسه بل الانخراط في كل طبقات الأوزون الصحية والملوثة فقط لكي يجد في سلته موضوعاً ما يثبت من خلاله أنه يتشارك مع البشر هموم هذا الكوكب ولاتزال الأنسنة من صفاته.
إنها سياسة الخروج من الصندوق والفرصة بفتح طرق جديدة واكتشاف مكامن الجمال والسعادة في حياتنا.