رهن المجهول
تنتشر الكثير من مكبات النفايات المؤقتة على أطراف المدن والبلدات بشكل عشوائي.. منها ما يشغل أراضي زراعية أو يجاورها، ومنها ما يتوضع بالقرب من مصادر المياه وبعضها يشغل خرباً أثرية، بينما القليل جداً يتواجد في مواقع مناسبة.
إنّ الوحدات الإدارية استساغت اعتماد المكبات العشوائية نظراً لقرب مواقعها، وخاصةً أن معظمها لم تعد تتوفر لديها الآليات الكافية لترحيل القمامة بعد فقدان أو تضرر أو تهالك بعضها خلال سنوات الحرب، أو بسبب نقص مخصصات المحروقات التي لا تمكن من قطع مسافات طويلة لبلوغ المكبات المعتمدة.
بالنظر إلى تلك المكبات العشوائية كثيراً ما تجد النيران تشتعل في جنباتها والدخان يتصاعد منها بكثافة لينتشر في المحيط وصولاً إلى بعض الأحياء السكنية القريبة متسبباً بتلوث ضار بصحة الأهالي، وما بين التراكمات لا تغيب قطعان الكلاب الشارة التي تنهش في جنبات تلك النفايات، وهي التي تتسلل ليلاً إلى الأحياء المأهولة فتدب الرعب في نفوس السكان وتشكل مصدر خطر لاحتمال مهاجمتها المارة، وكذلك مصدر إزعاج بنباحها الذي لا يحتمل ولا يهدأ طوال الليل.
لا يغيب عن المشهد نباشي القمامة، فهم يداومون في المكبات بشكل شبه يومي، يترصدون أي حمولات جديدة، ومعظمهم من الأولاد بغرض الحصول على أي مخلفات يمكن بيعها، ولا شك في أن ذلك قد يعرضهم لمخاطر صحية غير محمودة النتائج.
للعلم؛ لاقى ملف إدارة النفايات الصلبة اهتماماً كبيراً في سنوات ما قبل الحرب، حيث أنشئت محطات نقل وتجميع ومراكز معالجة للنفايات بشكل آمن وسليم، لكن مع بدء الحرب توقف العمل باستكمالها فتعطل استثمارها، فيما تعرضت مكونات المشروع لأضرار وتعديات كبيرة، الأمر الذي يحتاج إلى النظر ملياً بإعادة إحياء هذا المشروع الحيوي الذي لا يعقل أن يبقى رهن المجهول، لكونه يسهم بالتخلص من المكبات العشواىية ودرء مخاطر نفاياتها عن الإنسان بشكل خاص والبيئة بجميع مكوناتها بشكل عام.