إذا كنا قد بدأنا هذا العام باستيراد البصل، فإننا سنختتمه بتصدير ما تبقى من أغنام وأبقار وماعز وكل ماشية تدب على أرض.. حتى (شوية) السكر التي كانت تنتج من معمل تل سلحب قد استكتروها على السوق المحلية، فقرروا بيع الشوندر السكري إلى مؤسسة الأعلاف التي يقول مدير فرعها في حماة إنّ الشوندر غير مرغوب لدى المربين لكن إذا ارتأت اللجنة الاقتصادية ووزارة الزراعة ذلك فلا مانع لدينا.. علماً أنه ليس لدينا الفرّامات ولا المجففات اللازمة لفرم وتجفيف الشوندر وتحويله إلى أعلاف ..
المعروف عن الشوندر أنه يحتاج إلى عشرة أشهر بين الزراعة والجني فهو أطول محصول مدةً، ينهك التربة والمزارع وخاصة بالنسبة لأسعار البذار المرتفعة التي يتم استيرادها بالعملة الصعبة، وسوء الإنتاج هذا العام يجب أن يفتح الأبواب على مصاريعها لجهة جودة البذار التي تم استيرادها، لأنها سوف تفتح مواجع جديدة كالذي تركه بذار البطاطا الذي تم استيراده من نحو عام – عامين .. بحيث إن فلاحنا أصبح يصاب بلوثة اسمها البذار المستورد .. وللأسف ولكثرة الصدمات التي تعرض لها الفلاحون والتي مرت من دون محاسبة أو تحقيق فقد الكثير منهم الثقة بالبذار المستورد من قبل المؤسسة العامة لإكثار البذار ولجؤوا إلى البذار المهرّب وخاصة البطاطا والذي أعطى نتائج ممتازة قياساً بالبذار المستوردة.. حتى وصلنا إلى أسوأ حالة من التخطيط الزراعي، أن تستورد بذار الشوندر بالدولار وتبيع المنتج على ضآلته بسعرٍ بخسٍ لـ” الأعلاف” .. وأن يتم الترويج لاستيراد الفروج بدلاً من دعم المربين، كالضغط على المستوردين لتخفيض أسعار الأعلاف مثلاً ..
اسوأ حالة اقتصادية أن تعاود اللجنة الاقتصادية السماح باستيراد اللحوم تحت مسميات مختلفة
(الروستو) الذي كان يستورد سابقاً ويباع في صالات شركات التجزئة، والاستهلاكية خير مثال، وإرغام المستهلكين على تناولها من خلال رفع الأسعار بشكل جنوني للحوم المحلية .. يعني أن لا بديل عن الاستيراد ..
وبذلك نعود إلى ما قبل ثمانينيات القرن الماضي من استيراد كل شيء بدءاً من المحارم إلى
(ثيران) المرتديلا، مروراً بالبرتقال وزيت الزيتون والبندورة، وكل أنواع الخضار والفواكه، وكل الخوف أن يكون ما يمارس الآن من إهمال للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني هو مقدمة لذلك ..
يوم أمس الثلاثاء كان اجتماع الحكومة الأسبوعي، ورغم أننا في الأسبوع الأول من الشهر الفضيل، فلم نقرأ أو نسمع توجيهاً بضرورة مراقبة الأسواق وتوفير المواد وضبط الأسعار .. لكن بعد كل هذا الوجوم، تكرمت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتلاوة بيان عن وضع الأسواق .. رغم كل المطالبات بالعودة إلى الأرض .. أي الزراعة لا يوجد أي جهد حكومي يحفز الفلاح على التمسك بغلاله وتقديمها نظيفة كما هي عادته إلى المستهلكين .. لكنه زمان القهقرى!!