حلّ المشكلة ليس في تأمين الباصات وحسب.. التخطيط العمراني في مواجهة أزمة النقل داخل المدن… اختصاصيون يقترحون الحلول والتنفيذ رهن الانتظار

تشرين-بارعة جمعة:

تتكرر مأساة المواطن بشكل يومي أمام صعوبة الوصول إلى مكان عمله ضمن توقيت مناسب، والذي لم يعد مشكلة فردية بل جماعية، تطورت مع نمو المجتمعات الحضرية الحاملة معها الكثير من المشاكل بما فيها عدم تناسب المخططات التنظيمية مع طبيعة وسائل النقل المرهونة لها، الأمر الذي جعل من مسألة التخطيط للمدن ضمن شروط مراعاة أنظمة النقل العام فيها أولوية برأي المختصين، ممن عزوا إهمال هذا الجانب، لعدم إدراك أهمية وضوح دور النقل في التخفيف من هذه الأعباء على الدولة والمجتمع.

أسس العمل

تؤكد الدراسات القائمة على تعريف النقل بأن حركة الناس ضمن المدن هي الأهم، ولاسيما أنه صلة الوصل بين البيت ومقر العمل والمدرسة أو الجامعة، إضافة إلى رحلات التواصل الاجتماعي بين الناس والتسوق والتنزه، في حين بلغت نسبة الرحلات المتعلقة بالعمل 50% منها، ما يثبت أهمية دراسة التخطيط العمراني لحظة تخطيط النقل برأي المهندس في اختصاص العمارة الواثق بالله ضويحي، لارتباط ذلك بتحديد الأهداف والسياسات المستقبلية والاستثمارات، لذا فمن الطبيعي مراعاة وضع الخطط لحماية النسيج العمراني، بالاعتماد على بنك معلومات ومراكز للمساهمة باعطاء معلومات تحدد كثافة السير والتواصل ومواقف السيارات أيضاً.

50% من الرحلات اليومية للنقل تتعلق بالعمل

كما تظهر أهمية الاهتمام بدراسة البنى التحتية وتأهيلها في مجال التخطيط العمراني والنقل وفق رؤية ضويحي، وذلك عبر تأهيلها بإنشاء طرق وجسور وعبارات ومنافذ، يضاف لذلك الأخذ بالحسبان استخدام وسائل نقل جماعية صديقة للبيئة، واعتماد سياسات تخطيطية عمرانية مرتبطة بتخطيط شامل للنقل، تتمتع بالشمولية والاستدامة.

تشاركية التخطيط

وتمثل ظاهرة إشغال الأرصفة عائقاً كبيراً ملازماً للمدن كافة، والذي لم يعد يحتمل التأجيل برأي ضويحي، بل نستوجب دراسة لها لتأمين مرور المشاة منعاً للازدحام المروري، ما يفرض إدخال جميع المؤسسات الحكومية على خط هذه الدراسات ومن ثم الاستفادة من مقترحاتها.

فالأمر يحتاج إلى تخطيط وحلول بعيدة المدى برأي الأستاذ الدكتور شفيق داوود المختص بالنقل في كلية الهندسة المدنية، والذي أكّد أن عدم توافر الإدارة وتأخر الإدراك للمشكلة وأبعادها أدى إلى تفاقمها، فالنقل يزداد بازدياد البشر والنشاطات الاقتصادية، والحلول موجودة من قبل دول وشركات لكنها حبيسة الأدراج حتى اليوم.

مهندس معماري: تخطيط النقل يتطلب تأهيل البنى التحتية بإنشاء جسور وعبّارات ومنافذ

علاقة متكاملة

ولأن النقل شريان الاقتصاد وقاطرته، ويرتبط بشكل رئيس بتطور أي قطاع، ينبغي أن يتم النظر إلى تطويره كضرورة ملحة وخطوة سباقة لأي تطور قادم برأي داوود، وتعود الأسباب الكامنة خلف الاختناقات المرورية في العاصمة دمشق إلى الخلل الكبير في ميزان العرض والطلب، عدا عن النقص الحاد في وسائط النقل المناسبة والتي لابدّ أن تقترن بأنماط النقل المناسبة لها.

كما يلعب مركز المدينة الذي يعد ركيزة أي نشاط صناعي أو تجاري دوراً في الكثافة السكانية الكبيرة، الذي أدى لامتداد محيطها الحيوي وتحويل بعض الضواحي إلى مراكز مدن، في حين لا تزال تفتقر المناطق العشوائية للتخطيط والتنظيم.

أستاذ جامعي: النقل شريان الاقتصاد وقاطرته ويرتبط بشكل رئيس بتطور أي قطاع

وتعود الأسباب بنا التي مردها وفق رؤية داوود للإهمال في استخدام نظم النقل السككي ضمن المدينة وإلى الضواحي كالمترو والترامواي، التي تراوحت بين أفكار ودراسات من ثمانينات القرن الماضي، ولم يطبق منها القليل.

واليوم باتت فكرة اللجوء لمترو دمشق أكثر من ضرورة، وكان علينا أن ندرك ذلك بوضع الخطط لتنفيذه وليس لمجرد الحديث به برأيه، بينما مشكلة المرور تتجسد في غياب أنماط التحكم المروري وإدارة أنظمة المرور وعدم وجود غرف تحكم مروري.

داوود: باتت فكرة اللجوء لمترو دمشق ضرورة ملحة والحلول موجودة لكنها حبيسة الأدراج

دراسات علمية

النقل أصبح علماً ولم يعد مهنة، والدليل ما تم اقتراحه ضمن دراسة جايكا اليابانية التي اقترحت حلولاً تم تنفيذ جزء منها، كان أبرزها نفق وجسر الفيحاء ونفق الأمويين، لتأمين حركة انسيابية لمناطق عدة ضمن هذا المحور دون إشارات مرورية أو بإشارات مرورية مفعل عليها الموجة الخضراء، إلّا أنه وبعد هذه الدراسة تم إلغاء الإشارة وفق تأكيدات داوود، واستبدالها من قبل محافظة دمشق بإشارة ضوئية غير مفهومة ومضللة للسائقين والمشاة في تلك المنطقة، عوضاً عن وجود محطة تبادلية تحت جسر الرئيس تؤمن معبراً آمناً.

الفوضى المرورية الناتجة عن عدم تنظيم الحركة وتجاهل تطبيق القانون مسؤولة عن أكثر من 30% من الاختناقات المرورية، لكن السؤال حسب داوود يدور حول الرؤية لتخفيف المشكلة على المدى القريب والحالي؟ وهل استخدام الباصات الكثيرة بات مجدياً في ظل شوارع المدينة؟!

نعم يجب استخدامها، يعود الدكتور المختص بالنقل في كلية الهندسة المدنية شفيق داوود ليؤكد إمكانية استثمار هذه الحافلات الكبيرة في المحاور الرئيسة، والتي وردت ضمن دراسة علمية لمحافظة دمشق، ليبقى اقتراح تطبيق نمط النقل السككي الكهربائي في المحاور الرئيسة للشبكة الطرقية وجزء منها تحت الأرض في مركز المدينة، وفوق الأرض لأطراف المدينة والضواحي.

لا تخلو كليات الهندسة المدنية من الأبحاث ودراسات الماجستير والدكتوراه التي تحل أزمة النقل الخانقة

كما لا تخلو كلية الهندسة المدنية في قسم هندسة النقل من الأبحاث ودراسات الماجستير والدكتوراه التي تتمحور ضمن هذا المجال، بينما لا يزال مقترح الراديو تكسي الذي تم طرحه أوائل هذا القرن رهن الدراسة ولم يطبق أيضاً، إلّا أنه بالإدارة والتنظيم وتطبيق القانون يمكن حل الكثير من المشاكل، واستخدام الشبكة بشكل صحيح وفعال، بما يقلل من المشاكل والاختناقات المرورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار