أن تحذر وزارة الزراعة بحصول فجوة في توفر مادة البصل من خلال تصريحها في نهاية الموسم الماضي حيث قالت: إنّ إنتاج هذا العام من البصل بلغ (٤٢) ألف طن، وهذا أقل بكثير من حاجة السوق، فهذا استشراف لمستقبل المادة في السوق، وتنبيه لحالة من الخلل قد يواجهها المستهلك ..
لكن أن ترفع وزارة الزراعة أيضاً توصية للجنة الاقتصادية بالموافقة على تصدير البصل والثوم، فهذا يحمل وجهين لا ثالث لهما: إما إن الوزارة قد أخطأت في تقدير الإنتاج عندما قالت إن الانتاج أقل من حاجة السوق، وهي تريد أن تكفّر عن ذنبها فقامت بمخاطبة اللجنة الاقتصادية للسماح بتصدير( ٣٦٠٠ ) طن من البصل و(٥٦٠٠ ) طن من الثوم لمدة شهرين ..
أو إنها “طنشت” فعلاً حاجة السوق المحلية، وهي تعلم أن شركة تجفيف البصل قامت بالتعاقد مع المزارعين بسعر(٧٠٠ ) ليرة للكيلو، وعندما علم التجار بذلك قاموا بإغراء هؤلاء المزارعين من خلال دوبلة سعر الشركة ..
ليس هذا فقط، بل إن الوزارة خاطبت اللجنة الاقتصادية مرة أخرى للاستمرار بتصدير البصل بكمية (٣٦٠٠) طن و(٥٦٠٠ ) طن من الثوم ولمدة شهرين أيضاً ..
الموافقة الأولى كانت في جلسة اللجنة الاقتصادية رقم ٢٢ تاريخ ١٨ / ٥ / ٢٠٢٢ والموافقة الثانية كانت في الجلسة رقم ٣٨ تاريخ ١٥ / ٨ / ٢٠٢٢ ..
وبعد”الدربكات” الكثيرة التي رافقت ارتفاع أسعار البصل، حيث تجاوز في بعض المحافظات الـ(١٢) ألف ليرة للكيلو، وما تلا ذلك من قيام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من مصادرة كميات من البصل عن البسطات والدكاكين إلى الإسراع بإعلان نية الوزارة استيراد(٢٠٠٠) طن لصالح (السورية للتجارة) .. والسرعة المذهلة في وصول الـ(٧٠٠) طن كدفعة أولى وفي زمن قياسي.. إلى إعلان الوزارة السماح لكل عائلة بشراء كيلو بصل على البطاقة في الأسبوع ثم لترفع إلى (٢) كيلو بعد توزيع يوم واحد فقط .. هذا الكيلو كان معبأ في كيس، وليس كما روجت بعض الوسائل الإعلامية في مسرحية تقطيع البصل لمشاهدة ( القلب الأبيض ) للبصل وقد لمست وسمعت وشاهدت ذلك بأم عيني في صالة طرطوس الأولى حيث لم يسمح لأي مواطن بالدخول إلى الصالة، بل كان المواطن يناولهم البطاقة، ويناولونه كيساً فيه بصل، لكن لا يعرف أي شيء عن مواصفاته!!
وبعد أن حمى وطيس معركة البصل تخرج وزارة الزراعة منذ يومين من جديد في تصريح (بصلي خالص) عن البدء بإنتاج البصل الفريك في محافظة حماة وهو بكميات اقتصادية تغطي حاجة السوق الآن، وقد صار في الأسواق!!
نعتقد أن ردة فعل وزارة الزراعة ناتجة عن بيان وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي جاء فيه: (إنّ الوزارة لا تتدخل بالخطة الزراعية، ولا بالأمطار ..) في لهجة تهكمية فاحت منها رائحة بصل وزارة التجارة الداخلية، ورائحة فريك وزارة الزراعة… أما المستهلك فقد جفّ ريقه وهو يشاهد مسؤولاً في التجارة الداخلية (يقاتل) المستهلكين وبيده سكين يقطع بها أوصال الأكياس، وحبات البصل المنتقاة!!
سلمان عيسى
71 المشاركات