جمر وفقر!!
من دون مقدمات: ما يحدث في الأسواق تجاوز المنطق، وما يصدر من تصريحات ووعود وتبريرات انفصال عن الواقع، وما وصل إليه الفقير هو القهر بأعلى درجاته! ما يحدث ببساطة يجعلنا نسأل: أين مصلحة المواطن في رفع أسعار احتياجاته الأساسية؟ وهل فعلاً يعتقدون كما يذكرون أن رفع سعر أي مادة يصبّ في مصلحة الناس؟ وأي مصلحة في فقر إنسان لا يعلم كيف سيمضي يومه وكيف سيدبر بضع لقيمات لا تسد جوع أطفاله؟!
ذات يوم ليس بالبعيد حاولوا إقناعنا أن أسواقهم تحت السيطرة، وأن 90% من المراقبين شرفاء لا يرتشون، وطبعاً كان استبيانهم من جهة واحدة ومن دون سؤال الناس عن آرائهم، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن الأسواق تدار وفق مزاجية ومصالح ليس على قائمتها أي مواطن فقير، وإلّا ما كانت لقمة عيشه مشرّعة لحفنة من مستغلين وتجار لا يرحمون! فكيف الحال والمواطن صار يشتهي كيلو واحداً من البصل وفقاً لإستراتيجية زراعية لم تتواجد حتى على الورق!
مشكلتنا المزمنة أنّ من هم أوصياء على حالنا لا يعترفون أن الأسعار ارتفعت وترتفع كل ساعة، ومشكلتهم أنه مع كل ارتفاع لأسعار المواد يتلاعبون بالكلمات وبدلاً من ارتفاع يسطرون على قراراتهم كلمة ” تعديل ” وما بين تعديلهم والتعديل الذي ينتظره كل مواطن لتحسين معيشته فرق شاسع، وما بين تباهي وزارة التجارة الداخلية بصالات السورية للتجارة وأنها صمام الأمان، وما بين ما يجده المواطن من أسعار قد تفوق الأسواق أرقاماً ليست بالقليلة! فعن أي الصالات تتحدثون وأي وعود تقطعون؟!
كلماتهم ذاتها، والمتغير الوحيد بضع أذرع جديدة للفساد، وحديث عن توافر للمواد الغذائية وغيرها، بينما ينسون أنّ ذلك المواطن لا يجرؤ في كثير من الأحيان على الاقتراب والتبضع، لأن “بعبع” الأسعار بات وحشاً مخيفاً!!
اليوم نعيش زمنَ ” كالقابضين على الجمر” ولسان حالنا يقول: إنّ بعد كلّ عسرٍ يسراً، ولكن حتى ذلك الوقت سيبقى فقر الناس وحاجتهم أصدق من كل التأويلات والتصريحات!!