بانتظار ظلّ ومظلّة!
العراء لايزال هو المهيمن على المكان والزمان والطائر يرقص مذبوحاً من الألم ..ألم الفقد وألم الخسارة وألم ضياع الاستقرار وألم الفقر والانكسار .. مشاعر لا تقلّ كارثيةً عن الزلزال تلك التي يعانيها المتضررون والوقت يمضي بسرعة.. برد ومراكز إيواء ولجان تكتب التقارير ومصفوفات وخطط وبرامج.. لكن.
السرعة في تنفيذ الخطط هي المحك لكل الاستراتيجيات.. لا بد من إيقاف نزيف الضرر وإسعاف المتضررين بالسكن الآمن.. تقول إحدى النسوة في ريف حماة ..عدت الى بيتي المتصدع بعد الزلزال، إنه أرحم بكثير من الشعور بالعوز .. أنذروني بالإخلاء لأن البيت قد تصدع ..لا أستطيع أن أغادر المكان الذي يسكن ذاكرتي ..وليت الأمر عند المشاعر، أنا إنسانة حساسة عفيفة النفس عشت طوال عمري أعطي ولا آخذ، اليوم كيف أعيش ضيفة ثقيلة على الآخرين .. والكل يعاني.. لعل السكن في خيمة على أرضي أحبّ إلّيّ من مأوى أشعر فيه بالغربة.
هناك في حلب واللاذقية من يسارع إلى تركيب بيوت صغيرة للمتضررين لإيواء الأسر وحفظ ماء وجههم.. ثمة من يقول لماذا لاتهب المصارف بالتبرع بجزء من أرباحها لتركيب بيوت مستعجلة لإيواء الأسر بدلاً من منح القروض؟؟ ..من يستطيع اليوم من المتضررين أن يأخذ قرضاً ويدفع أقساطاً ثقيلة في وضع اقتصادي صعب؟؟
الواقع هو الذي يبرهن على مدى نجاح الخطط والمصفوفات ..ثمة أطفال صغار.. ثمة نساء.. ثمة شيوخ مرضى.. ثمة شباب، والكل يبحث عن حل يكفل الكرامة للعائلات المنكوبة.
الجهات المعنيّة تؤكد على الإسراع باستكمال جمع البيانات اللازمة وبناء قاعدة متكاملة تحدّث باستمرار وتوضح حجم وطبيعة الضرر ..لكن السرعة اليوم هي الظلّ الحقيقي لهذه الإجراءات، وتعني السرعة في التنفيذ ، ولاسيما أن الحكومة أعطت الأولوية للشركات الإنشائية لتنفيذ مشروعات إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة وبناء تجمعات سكنية سريعة الإنشاء، وهذه التجمعات السكنية هي المظلة.
إن الإعلان عن تحديد مستويات زمنية هو ما ينتظره الشارع بفارغ الصبر!
واليوم ندعو من منبر الإعلام إلى التأكيد على السرعة في متابعة عمل الفرق المشكلة للكشف على الأبنية المتضررة، للمعالجة الفوريةً في ضوء نتائج التقييم، ومن ثم البدء على أرض الواقع بتنفيذ وإنشاء الأبنية وفق خريطة أضرار مكانية للمناطق المتضررة من الزلزال، والاستفادة من الخطط القديمة والمخططات المعدة مسبقاً لبناء مدن جديدة.
اليومَ تصبح مقولة الوقت كالسيف إن لم نسرع في إيواء العائلات السورية المنكوبة فإننا نكون قد وقعنا في كارثة إنسانيّة لاتقل زلزلةً في عصفها عن الزلزال نفسه.