درس للمستقبل
ما تعرّض له الناس من هول كارثة الزلزال، وهم يرون أحبتهم وأهلهم وإخوة لهم تحت الأنقاض، قد لا تمحوه السنون وسيبقى عالقاً في الأذهان لعشرات السنين ، فالفاجعة كانت أكبر من كل وصف و كل مفردات اللغة تبقى عاجزة عن وصف حجم الألم الذي ترك وسيترك ندوبه في أرواحنا وفي ذاكرتنا وأنفسنا لسنوات طوال.
موجع جداً ما وصل إليه عدد الضحايا ومؤسف منظر الأبنية التي تصدّعت أو سقطت على رؤوس ساكنيها وأطبقت على صدورهم وأنفاسهم، ولاسيما الأبنية الحديثة منها، والتي يفترض أن تكون قد شيّدت وفق أسس ومعايير هندسية صحيحة متضمنة لحظ عوامل السلامة لقاطنيها .
للأسف إن آثار الزلزال لم تنحصر في المناطق التي ضربها بأقصى درجات قوته ، بل حتى في المناطق الأبعد والتي كانت قوته فيها بدرجات أقل، إذ تصدعت أبنية كثيرة ومنها ما تهاوى مع أول هزة رغم بعد المسافة.
من هنا وبعد هذا الحدث المفجع ، بات من الضروري جداً مضاعفة عقوبات مخالفي البناء عما كانت عليه ، والتشدد أكثر في شروط منح الرخص، المتمثلة في وجود إجراءات السلامة والمقاومة لأي عوامل طارئة ،وعدم الاستسهال بأي شرط منها ، وبغير هذه الشروط يجب ألا تمنح الرخصة أبداً ، كائناً من كان طالبها ، معتبرين مما حصل كدرس يفيدنا في المستقبل مع ضرورة المراقبة من قبل المعنيين في المحافظات والوحدات الإدارية لمراحل تشييد أي بناء ,لأن ظروف الحرب للأسف أفرزت عدداً ممن تركوا إنسانيتهم جانباً، ولم يعد يهمهم حياة الناس بقدر ما يهمهم جني أكبر قدر من المكاسب والأموال لملء جيوبهم و عيونهم الفارغة ، فهل سيكون ما قبل هذا الدرس المفجع ليس كما بعده ؟