كما عهدهم في الملمّات
هكذا هم السوريون، كما عهدهم في الملمّات، لم يتوانَ أبناء الوطن عن تقديم واجبهم في مدّ يد العون والمساعدة بما أمكن لإخوانهم المتضررين من كارثة الزلزال، تلك الفاجعة التي هزّت الضمائر والنفوس وأدمت القلوب، لما كان لها من آثار مدمرة، وما خلّفته من ضحايا في أرواح الأبرياء.. يتعاضدون مع مؤسسات الدولة التي تأهبت على أعلى المستويات، فتراهم يتسابقون بحسّهم الوطني المعهود، كل حسب إمكاناته لتقديم المؤازرة، من سيارات وباصات في أكثر من محافظة لنقل الطلاب من السكن الجامعي في الأماكن المتضررة إلى مناطق ذويهم.. إلى الإعلان على صفحات التواصل الاجتماعي عن حملات لجمع التبرعات والمواد العينية والألبسة وحليب الأطفال وغير ذلك, فكم من قرية في الأمس لم تمنع الظروف الاقتصادية الصعبة أهلها عن فتح منازلهم لاستقبال إخوتهم.. وغيرها الكثير من المبادرات والاستجابات.
هكذا هم السوريون، منذ الأزل، يحسّون بأوجاع إخوتهم، ولا تثنيهم أعتى الظروف عن واجبهم.
هذا التكاتف والتعاضد من أبناء الوطن في الداخل يجب أن يتجاوزا الحدود، ويكونا دعوة لجميع أبنائه المغتربين في الخارج أن يمدوا يدّ العون لإخوتهم بما تيسر لهم من إمكانات، وأن يفرضا عليهم، كلّ من مكانه، واجب المطالبة برفع الحصار الجائر عن بلدنا, والذي أفقدنا كل مقومات الحياة, عبر سنوات الحرب، لتضاف إليه إلى المأساة فاجعة أمس، التي وصفت بأنها الأسوأ منذ سنوات، وتزيدنا آلاماً وبؤساً، فالمصاب جلل، والحاجة أكثر من ماسّة، والآمال معقودة على تعاضد أبناء الوطن، الذين إن باعدتهم الحدود الجغرافية فإن ولاءهم وانتماءهم يبقيان لبلدهم الأم، فها هي اليوم ثكلى وتحتاجهم ليضمدوا جراحها.