الشعراء يبدعون لوحات تشكيلية مقفاة

تشرين – د.رحيم هادي الشمخي:
ينهل المبدعون دائماً من عينٍ واحدة، وتلتقي روافدهم على تماسٍ واحد لا فرق بين موسيقي وشاعر أو تشكيلي وقاص، الكل يجمعهم همٌّ واحد هو الفن، وكيف يكون مرآة صافية لنفس صاحبه، الكل يستلهم تجربته الإبداعية الصادقة من المعين نفسه، ويكون المنجز على قدر الرؤية والتأمل والخيال الصحي والمخزون التراثي والبصري الهائل، ثم بعد ذلك المثير الوجداني الذي يلامس سقف الروح، فيفجر طاقات الفنان ويلهمه خطابه الإبداعي المتفرد.
وربما التقى هؤلاء في نفسٍ واحد، كما حدث بالطبع للراحل العلامة (صلاح شاهين) الشاعر والممثل والفنان التشكيلي الذي لم يحصل غير الحصاد فمات رحمه الله، ويشعل البحر ورحابته وغموضه خيالات الفنانين، كما تحتل الأنثى بدلالاتها الرمزية سائر الإبداعات، بل إنّ من الشعراء من أخبرنا أن امرأته تشبه الشمس إلا أفولاً، ومنهم من قال إنها تساوي آلاف النجمات، وإنها أجمل ما شاهد من لوحات.. بالطبع هي كلمات لكنها ليست كالكلمات، رغم أن المرأة في واقعنا العربي من أصل الشقاء للمبدعين إلا قليلاً، ونحن حين نتعرض لبعض خصوصيات الشعراء نود أن نلحظ بعض الملامح التشكيلية في قصائدهم، كما كنا نلحظ الغنائيات الشعرية في بعض لوحات الفنانين، فالرومانسية وجدناها في أعمال (يوسف فرنسيس) وقد عشنا أبعادها الدرامية عن طريق الظل والنور، ودرجات الأسود والغامق، ودراما اللون، الذي ينقل لنا الواقعية، ومثلاً الشاعر الكبير (عبد الرحمن الأبنودي) شاعر العامية الأشهر على الرغم من بعض التجاوزات استطاع هذا الشاعر بمفرداته الموغلة أن ينقل لنا الواقعية التشكيلية الكلاسيكية بلا تحريف للنسب، بعناصرها (كالمركب والساقية والشط وقطار الصعيد وأشجار الجميز والتوت)، بجوار أسماء الشخوص أيضاً، بجواره حراجي القط- سماعين- فاطمة- يامنة، وفي ديوانه الأخير (الأحزان العالية) كانت رائعته (يامنة) التي يرثي فيها عمته العجوز، وفي لوحة أخرى قدم لنا (الأبنودي) مشهداً غاية في الواقعية في القطار الذي حمل عمال التراحيل إلى رحلة الرزق، أما الشاعر الكبير (محمد الشهاوي) الذي نال جائزة البابطين كأول شاعر مصري عن قصيدة المرأة والاستثناء، فقد عاش (الشهاوي) حياته طفلاً أزهرياً اعتدل بيانه بحفظ القرآن الكريم الذي استلهم منه من دون أن يتجاوز، وكما كان حظه وفيراً من الشعر كان حظه أوفر من الفقر الذي لاحقه في حله وترحاله، وفي قصائد (الشهاوي) ظهرت الملامح التشكيلية بشكل طاغ أكدها بارتباطه بكبار الفنانين التشكيليين مثل (السندباد عبد المنعم مطاوع) وآخرين، وأكدها أيضاً توحده الخاص مع العام، حيث ربط بين الأرض والابن أو الأصل والفرع في غنائية درامية، يقول:
هنا الأرض غانية ترتدي ورق البنكنوت
وها هو طفلي- بلا ثمن للدواء يموت
هنا الأرض تأخذ زينتها عملة صعبة
لتغادرنا للبلاد البعيدة
وأمي القعيدة
على فرشة الداء ينخر في مقلتيها الخفوت..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية