أقمار لحن الحياة!
العيون البريئة الجميلة تتطاير مثل سرب من الفراشات..تقول الصغيرة: حلمي أن أبني بيتاً على القمر، وأزرع حديقة من النجوم..لعلّي أرى وجه أمي..ووجه أبي.. قد يكون لي أخوة..لعلّي أعرف لماذا تخلت عائلتي عني ..؟!!
في بيت صغير كبير يطلق عليه ” لحن الحياة ” منح المرسوم الرئاسي الأطفال مجهولي النسب ممن كان يطلق عليهم” اللقطاء” جواز سفر إلى الحياة الطبيعية وبقبول في المجتمع من دون المساس بوضعهم الإنساني الذي فرضته الظروف.
“أطفال مجهولي النسب” في ثنايا الزمن الحديث وعلى تخوم القرن الثاني والعشرين مازلنا نسمع أو نرى ظواهر غير إنسانية.. عصافير مكسورة الجناح، أطفال رضّع مرمية على قارعة الطريق أو أمام أبواب منظمات خيرية..أو داخل حاويات قمامة وغير ذلك.. تلتقطهم أيادٍ بيضاء.. وتدفع بهم إلى مؤسسات وهيئات ودُور رعاية، وكل حسبما تخبئه له الأيام والظروف.. أضف إلى هذه المأساة أطفال كانت أمهاتهم عويل الحرب، وآباؤهم أشباح سوداء..ولدوا في جحيم الإرهاب.. وبحجم وجع المأساة وبتاريخ 14/1/2023 م جاء المرسوم التشريعي رقم /2/ المتعلق بتنظيم شؤون مجهولي النسب الذي رعى وأقرّ أحكام وترتيبات لحماية ورعاية الأطفال مجهولي النسب عبر هيئة ناظمة لشؤون اﻷطفال مجهولي النسب وهي هيئة عامة ذات طابع إداري تسمى ( بيوت لحن الحياة) تتمتع بالشخصية الاعتبارية واﻻستقلال اﻹداري والمالي، وترتبط بوزير الشؤون الاجتماعية والعمل ومقرّها ريف دمشق، تقوم على تنشئتهم وتسمح لمن يرغب أن يكون بمثابة الأسرة البديلة، وهما الزوجان أو المرأة التي ﻻ زوج لها، برعايتهم.
وتتولى (بيوت لحن الحياة ) تطبيق أهداف المرسوم وإنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة وشاملة وتعزيز التعاون مع الجهات العامة واﻷهلية والخاصة بغية تقديم أفضل خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والتعليمية والتربوية للأطفال مجهولي النسب وغيرها.
إنّ قصة الطفل مجهول النسب كانت ولا تزال معقّدة ومركبة ويرى البعض أنها لا تبدأ عند ولادة الطفل، ولكنها تسبق ولادته بأشهر بل وسنوات إن كانت انحلالًا، والظلم إن كان اغتصاباً، والجهل إن كان استهتاراً. ومن ثم فقصة الطفل مجهول النسب لا تقف عند حدود الطفل ورعايته؛ فلو عولجت أزمة ألف طفل وترك المصنع الذي ينتج هذا النوع من الأطفال مفتوحاً؛ سيحل محل هذا الألف، مئة ألف طفل ليظل الطفل مجهول النسب حالات تعكس واقعاً مؤلماً.