على قارعة الوظيفة..
المكتب يهمس في نزق.. والورق مبعثر في قهر..
وشمس الصبح أطالت الغياب..لا فرق توقيت صيفي أو شتوي ..
الموقد مطفأ..والإبريق بلا ترياق ..
ثمة جيب مثقوب.. ومحفظة ضائعة.. وعيون تنتظر الخبز.. تترصد بي خلف الشباك..وأطفالي يشتكون البرد.. وأود لو أن للسقف سقفاً وللجدران جدراناً..
لو أن للباب مفتاحاً.. وللفراش غطاءً ..
هل تسمعون هذا الصوت..صوت بكاء مكتوم يأتي من خلف الجدران.. والناس في حيرة من أمرهم .. من أين يدخلون ومن أين يخرجون.. وهذا الصنم يبكي بلا عيون ..
الفقر والدين ذهبا بكل الأصدقاء.. لم يبقيا من يقرع الباب.
وحدها الأشباح تزورني في الليل..تحمل خبزاً ولحماً وزيتوناً وقمحاً ..
الأمل يعيش وحيداً.. والحارس في زنزانة موصدَةُ البابِ
أرتدي معطفي.. أختبىء من عيون الباعة في الأسواق
أنت موظف.. لا مكان لك في الحافلة.. لا طريق لك للمشفى.. ثمة باب لخارج الحياة.. من يدخل منه لا يعود..تلك هي الرحلة الأخيرة ..لا تحتاج إلى نقود.. ولا تحتاج إلى وقود.. وقد تحتاج لتستر موتك ..ولتطفىء غضب الأصوات الثكلى ..
ومشيت: ستلقاني صبية جميلة بضفيرتين..أمام باب المدرسة..كيف أمرّ أمامها ولا تراني..ليس معي دفاتر أو أقلام..ولا قطعة حلوى ..
أحمل خيبتي وفقري.. سأقتحم الليل كي لا أعود في الصباح إلى الغرفة الباردة..كي لا أصرخ في وجه من يدخل مكتبي..وأقول عد غداً ..أنا لا أنتظر الغد.. ولا أريد سماع ذلك الرجاء ..
عد في الغد..لا أتقن غيرها..لساني مقيد ..
ذلك الصوت البعيد..جوعانُ؟ أتأكلُ من زادي:
أعشاب الأرض ..
الخبز.. من صدر الصخر
والماءُ ستنهلُهُ نَهلا
اخلع أوهامك ..
أثوابَكَ..؟ والبَسْ من ورق الشجر.. يتساقط أصفر كآخر رمق للشجر ..الحال.. بات في صخرة ..
يا من أشحت بوجهك عن ضائقتي.. امنحني فراشاً في لحدي
ولكم.. يا أغلى من أشواقي..خجلي
أبواب المكتب مغلقة..وإليك أسبابي ومعذرتي ..
أنا الموظف..لا أحد يراني أو يسمعني ..