نحن وكأس العالم
حينما علم الأديبُ المصري توفيق الحكيم بأَجر أحد لاعبي كرة القدم المصريَّة كَتبَ مُحبَطاً: “انتهى عصر القَلم وبدأ عصر القَدم، لقد أخذ هذا اللاعب في سنةٍ واحدةٍ ما لم يأخذه كلُّ أدباء مصر منذ أيَّام أخناتون”.
أما المفكِّر المصري مصطفى محمود فقد قال:”أكبرُ إنجازٍ حقَّقته أنظمة الدول المتخلِّفة هو أنّها استطاعت إقناع شعوبها بأن التأهُّل لكأس العالم إنجازٌ كبير وأنَّ انهيار التعليم والصحَّة شيءٌ عادي”.
ومع ذلك تبقى كرة القدم اللعبة الشعبية في العالم شاغلة الناس وشغفهم الدائم، يجدون فيها متعة المشاهدة التي تزيل عنهم الهموم في كثير من الأحيان، وربما كما يراها البعض ملهاة للشعوب.
مرتان كان فيهما منتخبنا الوطني لكرة القدم قريباً من التأهل لنهائيات كأس العالم بكرة القدم، وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره، الأولى في التصفيات المؤهلة لمونديال المكسيك عام 1986 حين وصل منتخبنا مع شقيقه العراقي للمباراتين الفاصلتين اللتين تحددان المتأهل للنهائيات، لكن المفاجأة التي كانت موضع تساؤل واستهجان بعد عدة سنوات من المباراتين، وهو ما أفصح عنه النجم الكروي الكبير المرحوم أفاديس كولكيان لصحيفة “تشرين” في القرن الماضي في حديث مطول معه آنذاك: “كيف تغيرت أماكن مباراتي الذهاب والإياب، ولماذا وافق اتحادنا الكروي على إقامة مباراة الذهاب على أرضنا والإياب خارج أرضنا بعكس ما كان مقررا له”، لأن في مثل تلك المباريات من تقام مباراة الإياب على أرضه ستكون الفرصة لديه أكبر، وهذا ما حصل حين اغتنم المنتخب العراقي الشقيق ذلك بتعادله في لقاء الذهاب على أرض ملعب العباسيين، وخسارتنا للإياب بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في الطائف المكان البديل للمنتخب العراقي.
أما المرة الثانية التي كنا فيها قاب قوسين من الوصول إلى نهائيات مونديال روسيا 2018 فكانت في مباراتي الملحق الأسيوي، حيث حسمها المنتخب الأسترالي 3/2 بنتيجة مباراتي الذهاب والإياب، وكل السوريين يتحسر على كرة عمر السومة، التي اصطدمت بالقائم الأيسر لمرمى الحارس الأسترالي، وكانت كفيلة لتضعنا في النهائيات لو سجلت.
الكل يتساءل: لماذا لا نصل إلى النهائيات؟
تكمن مشكلة كرتنا، حسب المختصين، في غياب استراتيجية العمل، والنفس الضيق في البطولات عند اللاعبين، والمشكلات داخل صفوف المنتخب، بالرغم من الحماسة لدى اللاعبين، لكنها لا توظف بالشكل الأمثل، ولم يوفق أحد بذلك، كما ساهمت ” الشللية” في أحيان عدة بخروجنا من الدور الأول في الكثير من التصفيات التي شاركنا فيها.
والحل يكمن في تجاوز تلك المشكلات، وحسن اختيار الكوادر التدريبية واللاعبين والاستعداد الأمثل لذلك.