زوبعة في فنجان
ليس بجديد الحديث عن تراجع المستوى الخدمي ضمن إطار عمل الوحدات الإدارية وخاصة في الأرياف، والسبب في ذلك ندرة تنفيذ المشاريع الجديدة إن لجهة تعبيد وتزفيت الطرقات أو جهة مدّ شبكات الصرف الصحي وتنفيذ الأرصفة والأطاريف وغيرها، حتى إن أعمال النظافة بمستوى غير مقبول نتيجة تضاؤل عدد عمالها وتناقص آلياتها وتهالكها، وحتى عدم توفر الوقود الكافي لتشغيلها بالقدر الذي يغطي عملها في جميع الأحياء.
إن العقبة الكأداء أمام الوحدات الإدارية تتمثل بقلة الاعتمادات اللازمة للنهوض بالواقع الخدمي الذي يعد مطلباً ملحاً ومتكرراً من الأهالي، حيث لم تعد تسعف الجباية لضعفها بدعم تلك الاعتمادات، فقلة قليلة من الأهالي-وتحت ضغط الحاجة- يدفعون ما يترتب عليهم من رسوم، فيما الأغلبية يتهربون ولا ينصاعون لسداد ولو جزء بسيط منها مستغلين الظروف السائدة، علماً أن السداد في مصلحتهم أولاً وأخيراً لكون المبالغ المحصلة بالجباية توظف في تحسين الخدمات المقدمة لهم.
بالتوازي؛ فإن المساعدات التي تتلقاها البلديات من المحافظة أو وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالكاد تكفي لسداد رواتب موظفيها مع تنفيذ أعمال صيانة بسيطة كترقيع بعض الطرقات وإصلاح بعض وصلات الصرف الصحي، وهذا ما يجعل المستوى الخدمي يراوح في المكان إن لم يكن في تراجع للوراء.
تحضر بهذا الصدد المشاريع التنموية التي جاء التوجيه بإحداثها ضمن نطاق عمل الوحدات الإدارية منذ عدة سنوات وبما يتواءم مع طبيعة كل منها لتكون داعمة وبقوة لمواردها الذاتية، وقد توسم الكثيرون-حينها- بها خيراً، لكن على ما يبدو أن طرحها لم يتعدَ كونه زوبعة في فنجان، لأن ما نشأ من تلك المشاريع لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وأمام ما تقدم؛ لا بدّ من إعادة إحياء إنشاء مثل المشاريع التنموية الحيوية تلك بعد توفير التمويل اللازم لها، لتسهم في تأمين موارد لها طابع الديمومة، ويصار إلى توظيفها في تلبية المطالب الخدمية الملحة.