بمراجعة بسيطة .. وقراءة متأنية لما يحدث في أسواقنا المحلية، وتحديداً منذ بداية الأزمة الحالية وحتى الآن من أزمات وتحليق في الأسعار، ونقص في السلع والمنتجات، وما يتبعها من أسواق سوداء متنوعة ومختلفة في طبيعتها، تبعاً لهوية كل مادة وأهميتها وطبيعتها الاستهلاكية، دون أن ننكر عدم وجودها قبل سنوات الأزمة , نرى أنها لم تظهر كما هي عليه الآن , نظراً لتوافر المواد ودون الوصول إلى حالة الفقدان والتلاعب بأسعارها وخاصة المواد المدعومة من قبل الدولة، وكثرة المتلاعبين بها ممن تستهويهم المتاجرة بالمواد المدعومة، وما تدره من أرباح لجيوبهم فقط من فارق أسعارها..!
واليوم وما شهدته سنوات الأزمة من تجاوزات هي امتداد لها, لكنها مختلفة من حيث الحجم والاستهداف وحتى الظرف وأسلوب السرقة والمتاجرة, واستغلال حاجة الناس، يقابلها حالة ضعف من الأجهزة الرقابية في مكافحتها ومعالجتها, رغم ظهور معالجات بين الحين والآخر, وتسجيلها نقاطاً إيجابية في ميدان العمل الرقابي
وبالتالي البحث في أسباب هذه الأزمات نجدها في الأصل مشكلة أخلاقية, لدى الأغلبية من التجار ومن يسير في ركبهم، الذين يستهويهم حب المال وتكديس الثروة والكسب السريع بكل الوسائل والسبل ..؟
لكن رغم ذلك هناك شريحة واسعة من التجار تلتزم بقرارات وزارة التجارة الداخلية والحكومة, وهذا الالتزام أخلاقي وحالة وطنية تنسجم مع توجهات الدولة لضبط السوق ومنع عمليات الغش والسرقة والابتزاز التي تقوم بها شريحة التجار الذين تستهويهم أفعال السوق السوداء وما ينتج عنها من استغلال لحاجات الناس ..!
وهذه الفئة لا يستهان بنسبتها من أصل الفعاليات التجارية والتي مازالت متمردة , ورافضة الالتزام بتعليمات وقرارات الأجهزة الرقابية في حماية الأسواق، ولا يعنيهم ما يحدث إلا بما يتفق مع مصالحهم، وهؤلاء تسعى الوزارة وكافة الجهات الرقابية لمحاسبتهم وقمع مخالفاتهم بالطرق القانونية والأنظمة المرعية لدى كل جهة, مع العلم أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد فتحت باب الحوار لمرات عدة، من أجل معالجة الأوضاع وقمع المخالفات والعودة إلى حسابات السوق المنطقية على قاعدة لاغالب ولا مغلوب في العملية الإنتاجية والتسويقية، إلى جانب مراعاة القوة الشرائية للمواطن, لكن أغلبية تجارنا لا يعنيهم ذلك، لا رقابة القانون تنفع , ولا منصات الحوار , ولا حتى تبويس اللحى وكرامات الذقون ..!
والسؤال الذي يشغل بال كل مواطن متى ينتهي مسلسل أزمات السوق وحالات التبويس للحى والذقون , وما إن ننتهي من واحدة حتى تظهر الأخرى ..؟
ومتى نرى الحالة الأخلاقية متوازنة وفاعلة تحكم كل الأطراف وعلى أساسها ترتاح أسواقنا ويرتاح معها المستهلك بكافة شرائحه..!
Issa.samy68@gmail.com