اسمها باللهجة اللبنانية قيلولة، وتعسيلة باللهجة المصرية، أما بلهجتنا السورية أعتقد أن لا اسم لها سوى نومة العصر، إلّا أنها دائماً ما تأتي مضافة بجمل استنكارية، من قبيل:
(الله يجيرنا – لاتعيدها – اقرأ المعوذات)..
لأنك وقت تفيق من قيلولة كهذه، سيكون شكلك وتعابير وجهك تشي بأنك(صاحي – نايم) مخدر خمول وكسول.. ستدرك ساعتها، غفلتك بعدم سماع نصيحة “لا تنام العصر”
وأعترف بأنني من مناهضي ومقاومي تلك التعسيلة، لأنني أومن بحكاية جدتي وتحذيراتها التي لطالما صدقت تنبيهاتها وتفسيراتها، والمجاز التربوي الذي كانت تتفنن بتلقيننا إياه، وخاصة أنّ خالي يؤكد حكمتها بقصّ شيءٍ من قصصها(مثلاً) عن ذاك القريب الذي نام فترة العصر و” تكوبس”، وعند استيقاظه وقع عن السطح، أما القصة الأجمل فكانت عن رفيق خالي الذي زارنا منتصف شهر آب بنهاره الطويل وقمره الذي يظهر قبيل حلول المساء، و الأحلام يومها، حسب قول جدتي، تفسر عكس رؤياها، أي إنه لو كان الحلم بوفاة أحد الأقرباء فهذا يُفسر بالواقع بطول العمر له، ولو كان الحلم عن فشل بعمل ما، فهذا يعني النجاح، أما الحزن والهم فيعنيان الفرح وزوال الهمّ والغم وكذلك الاطمئنان..
ولطيب الجو ونسائمه العليلة، غفل الضيف ونام العصر واستيقظ وقت الغروب، على صوت عبد الوهاب يدندن أغنية(عندما يأتي المساء) وقال ممازحاً، كنت في المنام أول غفلتي فرداً في عصابة روبن هود، ومع قرب استيقاظي كنت العاشق الولهان الذي لم يجد في الأفق نجماً واحداً يرنو إليه ولا إلى عبد الوهاب..
وقبل أن يقوم من على الكنبة قصّ ما كانه ضيفنا في الحلم، وباستعراض قال:
كنت الرجل الفطن الحذق المتمكن برمي السهام ورشق الحجارة وسرقة الأغنياء لإطعام الفقراء، ويا من تراني أقفز من عربة تاجر لعربة تاجر آخر، أقتنص النقود الذهبية والمجوهرات، و”أتفشخر” بحركات بهلوانية من على ظهر حصان لـ” خرج” حمار أمام أعين الصبايا الحسان..
ومع طلوع الفجر نجتمع مع زملائي السلاب بعيداً عن الأنظار ونقتسم الغنائم ونوزعها على المحتاجين والفقراء..
هلل الحاضرون لحسن المنام، واستفهموا من جدتي التفسير والإيضاح!!
سألته أولاً عن مهنته، فقال إنه يعمل في مديرية تهتم بالأسعار وسلع الاستهلاك..
همهمت جدتي وقالت، في منامك لن ينفع التأويل وعكس المنام، لأنك ستبقى في عملك، بينما الفارق الوحيد ما بين الواقع والمنام وجود المحتاجين الفقراء.!!!
و(العلم عند الله)